صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/6

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ثم هي تعاند عناد الضعيف.

وعناد الضعيف شيء آخر غير تمرد المحكوم، وإن كان كلاهما قريبا من قريب في العنصر الأصيل.

فالضعيف يتشبث بالحياة لأنه مهدد في الحياة، ومن تشبثه بالحياة تشبثه بالهوى، وتشبثه بالعادة التي يدرج عليها، ويخيل إليه أن الفناء في التحول عنها.

وفي الطفولة تشبث كثير.

وفي الشيخوخة تشبث كثير.

وفي الأنوثة تشبث كثير.

والخاسر على مائدة اللعب يتشبث بالبقاء عليها ولا يطيب له أن يفارقها، وكل أولئك باب من أبواب العناد المطبوع غير عناد المحكوم، أو غير الولع في الخاضع الذليل بالعصيان والإباء.

فهذا العناد وليد الخوف، وذاك العناد وليد الغضب، وليس الخائف كالغاضب في بواعث الشعور.

☆☆☆

ثم هي تولع بالممنوع لأنها تجهل وتستطلع وتشبه الطفل الناشئ في غريزة الجهل والاستطلاع والجهل والاستطلاع مولعان بالهدم قبل الولع بالبناء. فهما لا يذعنان إلا بعد معرفة يطول تحصيلها، وقبل الوصول إلى تلك المعرفة يأبيان الإذعان ويستريحان إلى الممانعة والتعويق والتحطيم.

☆☆☆


أما ضعف الإرادة فهـو عـذاب بيـن يـدى الغوايـة لا يخلص منه الضعيف إلا بمقـارفـة الشيء الممنوع، فينتهى بذلك عذاب الـفـتـنـة والإغراء والمصابرة والامتناع.

فإذا وضع بين يدي الضعيف قدح من الماء القراح وقيل له: لا تشرب منه. شرب منه وهو غير ظمآن.

لأنه يريد أن يمتنع فتنازعه الرغبة، ويريد أن يكبح الرغبة فيعذبه الكبح،