صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/7

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ويريد أن يحتمل العذاب فيعييه الاحتمال، فهو ضعيف مع الرغبة، ضعيف مع الكبح، ضعيف مع العذاب، ضعيف مع هذا التردد كله لا يريحه منه إلا أن يفعل ما نهى عنه، ويفض المشكلة بهذه النهاية.

فهو يشرب الماء القراح لأنه يفض مشكلة الامتناع عنه، لا لأنه ظمآن إلى الماء القراح.

والشيطان حين قال لآدم وحواء: 《ما نها كما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين》 [الأعراف: ۲۰]. قد ألهب في حواء كل علة من علل المخالفة والولع بالممنوع؛ وسول لها الغواية والإغراء.

فأكلت وزينت لآدم أن يأكل مثلها.

فتمت بذلك صفات الضعف كلها؛ لأن الإغراء علامة المشيئة التي تصل إلى بغيتها من طـريـق الـتـحسين وإثارة الشـهـوة في غيرهـا، لا مـن طـريـق الأمر والإخضاع أو من طريق الغلبة بالشهوة الطاغية على شهوة أخرى. وكأنما لسان الحال الذي تنطق به المرأة في هذا المقام : إنك أيها الرجل تخضعني وأنا أغريك ! أنت تخضعنى بسلطانك، وأنا أخضعك بما أتيح لك من «شهوة النظر وبهجة العيون».

☆☆☆

فهذه الشجرة . هذه الشجرة التي أكلت منها المرأة لأنها نهيت عنها، والتي طعمت منها ثم أطعمت آدم معها...

هذه الشجرة هي عنوان ما في المرأة من خضوع يؤدي إلى لذة العصيان، ومن دلال يؤدي إلى لذة الممانعة، ومن سوء ظن، وعناد ضعف، واستطلاع جهل، ومن عجز عن المغالبة، وعجز عن الغلبة بغير وسيلة التشهية والتعرض والإغراء. وهذه هي قصة «الأنثى الخالدة» كلها في كلمتين.