صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/76

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فالذكورة هي حالة البنية التي تتطلب احتراقا أعنف وأكثر وأقرب إلى الاطراد من الأنوثة، والأنوثة هي حالة البنية التي تتطلب تجميعا للغذاء أهدأ وأقرب إلى القرار من الذكورة.

أو هما كما أسلفنا يفترقان بالقدرة على التجميع والقدرة على التصريف، ويفترقان بنزعة الاحتجاز ونزعة الاندفاع، ولنا أن نترجمها في لغة الأدب والواقع المشاهد بالتفرقة بين التلبية والاقتحام!

وكأنما قال العالمان: إن الرجل حي النزعة في مجمل صفاته. وإن المرأة نباتية النزعة في مجمل صفاتها.

وهي هي لا تزال منذ درجت من الحياة الأولى «تلك الشجرة» التي تبسط زهرتها وهي في مكانها لتتلقى فيها اللقاح على جناح الهواء.

وكل بنية حية فيها النزعتان متقابلتين متكافئتين. فحيث زادت القدرة على التجميع فثم أنوثة ولو حملت غير اسمها، وحيث زادت القدرة على التصريف فثم ذكورة ولو حملت غير اسمها... وعود على بدء إذن إلى أسطورة الرب السكران.

☆☆☆

وأيا كان تعليل العلم لنشأة الفوارق الجنسية في قرارها فالعلماء المحدثون المعنيون بمسائل الجنس يرجعون بالاختلاف بين مزاج الذكورة ومزاج الأنوثة في جسدي الرجل والمرأة إلى الهرمون الذي تفرزه الغدد الصماء، وهو سائل شفاف يسرى في الجسم من غدد ثلاث توجد في أجسام الأحياء الفقارية، إحداهـا: الغدة الدرقية في الحلق، والثانية: الغدة النخامية في أسفل الدماغ، والثالثة: الغدة الكظرية على مقربة من الكليتين، وهي عظيمة الأثر فيما يشاهد من الاختلاف بين أجسام الذكور والإناث بعد سن البلوغ، ومتى تشخصت الذكورة والأنوثة ظهر الفارق الأكبر في تركيب الخصية وتركيب المبيض، فاختص الرجل بإفراز المنى واختصت المرأة بإفراز البويضات.

ومن التجارب في بعض الحيوان كالجرذان يلاحظ أن استئصال الغدد المنوية يميل بالحيوان إلى مزاج الأنوثة، ولكنه إذا استئصل منه المبيض لا يستعير مزاج الذكورة إلا بإضافة الغدد المنوية إليه.

وقد يتفق أن يكون في الإنسان خصية ومبيض بدلا من الخصيتين، فيسرى في جسده إفرازان يميل به أحدهما إلى الذكورة ويميل به الآخر إلى الأنوثة، ويشاهد