صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/9

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

غواية المرأة

والولع بالإغراء والإغواء أخو الولع بالمخالفة والعصيان.

كلاهما دليل على رجوع الأمر إلى الآخرين.

فالمخالفة دليل على أن المخالف محكوم لغيره، والإغواء دليل على أنه يرجع إلى غيره في العمل ويعتمد عليه.

فهما ثمرتان من «هذه الشجرة..» أو هما خصلتان من خصال الأنوثة الخالدة في الصميم.

تتعرض المرأة وتنتظر، والرجل يطلب ويسعى.

والتعرض هو الخطوة الأولى في طريق الإغراء، فإن لم يكف فوراءه الإغواء بـالـتـنـبـيـه والحيـلـة والـتـوسـل بـالـزيـنـة والإيماء، وكل أولئك مـعـنـاه تحريك إرادة الآخرين، والانتظار.

فإرادة المرأة تتحقق بأمرين: النجاح في أن تراد، والقدرة على الانتظار.

ولهذا كانت إرادة المرأة سلبية في الشئون الجنسية على الأقل، إن لم نقل في جميع الشئون.

ولعل كلمة «لا» سابقة لكل نية تمتحن بها المرأة إرادتها وصبرها، فأحوج ما تكون إلى الإرادة والصبر حين تنوى ألا تتقدم ولا تسلم ولا تجيب ولا تطيع.

وهنا تتصل هذه الخليقة فيها بخليقة العناد التي سبقت الإشارة إليها.

وقوام العناد كله أن يقاوم المعاند رغبة الآخرين وعمل الآخرين.

فالإرادة التي تتمثل في العزيمة مذكرة، والإرادة التي تتمثل في العناد مؤنثة، أو هذا هو شأن الإرادتين في غالب الأحوال.

☆☆☆

وليس للمرأة أن تريد غير هذا النوع من الإرادة لأسباب عميقة في أصول التركيب والتكوين.

وموقف الجنسين من الاستجابة لمطالب النوع يهدينا إلى حكمة هذا الفارق من طريق قريب.