صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/104

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

<<- 91 - فأخطأوا . أخطأوا في الفهم كما أخطأوا في الشعور . فما لعب الطفل لأنه أقل من الشيخ عقلا ، ولكنه لعب لأنه أوفر نصيباً من جدة الحياة . وما تزمت الشيخ لأنه أعقل من الطفل ، ولكنه تزمت لأنه أعجز منه وأدنى إلى الموت . ولو اجتمعت للشيخ حكمة السن وجدة الطفولة لما منعته الحكمة أن يلعب ويلهو ، ولعلمته بعد ذلك كيف يفتن في لعبه ويزيد في لهوه ، ويبز فيهما الأطفال والشبان . .

ورأوا المجنون يلعب والعاقل لا يلعب مثـله فجزموا باتصال الجنون واللعب كما جزموا باتصال العقل والسكون . أخطأوا . أخطأوا في الفهم كما أخطأوا في الشعور . لأن المجنون يلعب من فرط الطلاقة لا من ذهاب لبه واختلاط فكره . وآية ذلك أن بعض المجانين يفقدون اللب والصواب ولا يلعبون، بل ينوحون ويتخبطون ويبتئسون لأن جنونهم يسامهم للخوف والفزع ولا يسلمهم للطلاقة والمراح. فهل يقال إنهم إذن أعقل من العقلاء الذين يلعبون حينا بعد حين ؟ - كلا . بل يقال إن الطلاقة تلازم اللعب في كل حين ... أما الجنون واللعب فلا يتلازمان . فالاعب الذي نعنيه غير التسلية

وينبغي أن نفرق هنا بين اللعب الذي نعنيـه ، و بين ما يلتبس به في بعض ظواهره ودواعيه .