صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/105

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۹۷ – واللعب الذي نعنيه غير الرياضة لأن الورق والنرد والشطرنج تسمى ألعاباً ولكنها لا تحتاج إلى فيض حياة ولا إلى تمام شعور . بل لعلها تحتاج إلى الكسل والراحة والفتور ، وهي في لبابها شغل من الأشغال ، ولكنه شغل فراغ . ولأن الرياضة وسيلة إلى غيرها في كثير من الأحوال ، فهي بين رياضة تراد ( للحرب ، ورياضـة تراد للعلاج ، ورياضـة تراد لاحتمال المشقات ، ورياضـة تراد للتجميل والتقويم . أما اللعب الذي نعنيه فهو التعبير الملازم لحالة الفيض والإشراق ، فلا يراد بعد ذلك لغرض من الأغراض . عنه الغشاء . هو شيء كلمعان الزجاج حين ينتفى عنه الكدر وينجلي - فلا يقال إن الزجاج يلمع لهذا الغرض أو لذاك ، ولا يقال إن اللمعان وسيلة مقصودة ليبيعه البائعون ويشتريه المشترون ويصنعه الصانعون . وكل ما يقال إنه يلمع لأن اللمعان طبيعة فيه ، وشعاع من نوره السابغ عليه . وعلى هذا المعنى يدخل في باب اللعب ابتكار الفنان ، ووحي القريحة ، وتوقان النفوس إلى العظائم ، وغرام العقول بالكشف عن المجهول ، ولألاء الجمال في الوجوه ولألاء الجمال في الأرواح . وعلى هذا المعنى كذلك يعم اللعب فطرة الحياة حينما وجد الأحياء . فهو في الطير المغرد ، وفي الحوت السابح ، وفي الحيوان الطافر، وفي كل ما يفيض بحياته فيندفع في ألعابه ، و يوشك أن يخرج من إهابه . أما التسلية فليست من الفطرة . وأما الرياضة فجانب فيها من الفطرة وجانب من ابتداع الجماعة الإنسانية . وليس اللعب الذي نعنيه تسلية ولا وسيلة اجتماع . وإنما هو تعبير الحياة كلما امتنع الحائل بينها وبين التعبير . ع م – ۷