صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/123

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

--- 110 --- هي هذا وذاك ... !! فللسكينة سعادتها وللحركة سعادتها ، ولكنهما لا تتشابهان : 1 سعادة السكينة رضى وارتياح خاليان من الشوق والطموح ، وسعادة الحركة تقدم ونجاح خاليان من القناعة والاكتفاء . ( ومن يبغ هذه لا يبغ تلك ، ومن طلبهما فليطلبهما متفرقين في زمنين مختلفين ، لأنهما لا تجتمعان . ، وما لنا لا نقول : إن المثل الأدنى في التعاسة نادر كالمثل الأعلى في السعادة فأشقى الأشقياء وأسعد السعداء في الدنيا اثنان متكافئان متعادلان ، ولعلهما لا يوجدان ! ! ولو خرج أحد من الرحالين ليجوب أقطار الأرض باحثا عن أشقى شق ، للزمه ) من الوقت والعناء قريب مما يلزمه في بحثه عن أ أسعد السعداء فلا يقل حافق على السعادة إنها مستحيلة في هذه الدنيـا ، لأن استحالتها من جنس كل استحالة ، ولأن يسرها من جنس كل يسر ، ولأن الفرق بين المثل الأعلى والمثل السائر فيها كالفرق بينهما في أكلة أو لبسة أو رشفة أو ما شئت من متع الحياة . وهي ليست - بعد - شيئاً واحداً كتلك الجوهرة المكنونة التي يحكول عنها في الأساطير ويتخيلونها في كل يد تعثر بها على استواء ، لا فارق بين يد العبد ويد السيد ، ولا بين يد الجاهل ويد الخبير .

. ا وإنما السعادة سعادات : سعادة هذا شقاوة ذاك ، وسعادة إنسان في حين من الأحيان شقاوة له في غير ذلك الحين . أتسألني عن السعادة المطلقة بالقياس إلى كل إنسان و إلى كل حين ؟ تلك ليس لها وجود ؛ وكذلك كل شيء مطلق من القيود والملابسات في عالم القصور والفناء