صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/134

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۲۶ فلماذا يمتنع على قوى الذهن أوقوى الشعور أن تحس على هذه المسافة أو تتصل بنفس أخرى وذهن آخر متى تهيأت لها أسباب اتصال ؟ . فالتصديق بالتلبائى لا يدعونا إلى اختراع حس جديد أو ملكة غيبية من وراء الطبيعة ، ولكنه يدعونا إلى تصديق هـذا الحس الذي نباشره كل يوم شئون الحياة ، مع السماح له بالامتداد والتكبير ، وهما غير ممنوعين ولا مناقضين للمعقول أو المشهود في مختلف والحس نفسه لا يقل في غرابته عن « التلباني » كما يقول بها أشد الغلاة المؤمنين بها من النفسانيين فأنت تفتح عينيك فترى شيء بسيط جداً في حسابنا ، بل هو أبسط شيء يخطر على بالنـا . . . افتح عينيك تر ! . . . أي شيء أبسط من ذلك وأبعد من الغرابة ؟ نعم هو كذلك لأننا نعالجه ونرى الألوف ممن يعالجونه كل لحظة ، ولا يخطر لنا أننا نأتى بشيء غريب ولكننا إذا رجعنا إلى أنفسنا فسألناها : ما هي الرؤية ؟ وما هو معنى القوة العجيبة التي تحيط بشيء على مسافة منك وتعرف مالونه وما شكله وما أثره وما حركاته رسكناته ولا صلة بينك وبينه إلا الضياء ؟ . . نسأل أنفسنا في هذا ونفكر مليا في معنـاه فنستغرب النظر من قريب ،كما نستغرب النظر من بعيـد ، ونعلم أن معجزة الحس حاصلة قبل أن نسمع بالتلبائى والتليفزيون وما إليهما من وسائل الإحساس . وما قربنا المسألة حين نقول إننا ننقل الأشياء الى حسنا بالنظر لأن بيننا و بينها الضياء إذ ما هو الضياء ؟ ولماذا يكون حتا لزاماً متى وجد الضياء أن يكون هناك نظر وأن يكون النظر على نحو ما وعيناه ؟ . .