صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/135

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۲۷ - فالتلباني غريبة جداً عند من تنسيه الألفة اليومية غرابة النظر والسمع والذوق وسائر المحسوسات . والتلبائى جائزة جداً عند علم أن النظر جائز ثم سأل نفسه في معنى هذا الجواز وأحسب أن الكثيرين من القراء قد جربوا هبة التلباني كما جربتها ووقفوا منها على مبادىء تدل على نهايتها القصوى ، إن لم يكتب لهم أن يملكوا هـذه الهبة على أقصاها . فإننى لا أقول بجواز التلباني معتمداً على العقل والقياس دون التجربة والمشاهدة ولكنني أقول بذلك لأننى « جربت » بعض الوقائع التي تقر بنى من تصديق « التلباني » و » وتنفى الغرابة عنه أو تنفى استحالته على أيسر تقدير . يحدث مرات أن أذكر إنساناً بعد سهو طويل عنـه ، فإذا هو ماثل أمامى في اللحظة التي ذكرته فيها . ولوكان هذا الإنسان صاحباً يعاودني التفكير فيه حيناً بعد حين نقلت الغرابة في تذكره ولو بعد السهو الطويل . ولو كان المكان الذي ذكرته فيه متصلا بإقامته أو بالمقابلات بيني و بينه لقلت الغرابة كذلك في إثارة ذلك المكان لذكراه . . . ولكنه لا يكون أحياناً ممن طالت الصحبة بيني وبينـه ، ، ولا يكون الموضع الذي أذكرني به موضعاً تقابلنا فيه قبل ذلك أو تحدثنا به يوماً من الأيام . وكل ما هنالك أنه إنسان جمعت بيني وبينه المصادفات فترة من الزمن ثم انطوت عنى أخباره سنوات لا أراه ولا يعرض لى ما يدعونى أن أشتاق إلى رؤيتـه ، ثم يمر بخاطرى فما هو إلا أن أثبته وأستعيد ذكره حتى أراه في عرض الطريق . و يحدث مرات أن يتولانی انقباض شديد تتخلله صورة إنسان عزيز يكرثنى جداً أن يصاب بمكروه ، ويلج بي هـذا الانقباض حتى كأنما الذي أخشاه قد وقع C