صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/138

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٢- التلباثي

- كثر الذين حادثوني أو كتبوا إلى بصدد مقالي عن « التلباني ، الذي نشرته الرسالة في عدد مضى؛ وبدا لي من أحاديثهم ومن رسائلهم أن بعضهم فهم المقال كما أردت أن يفهم ؛ وبعضهم تجاوز به إلى الحد الذي أريده . وقد استزادني أناس من الكتابة فيه ، وسألني أناس غيرهم أسئلة يقترحون الإجابة عليها . وأحسبني ألي مقترحاتهم جميعا بما آثرت من الإجابة عن خطاب كتبه إلي صديقنا الأستاذ محمد شاهين حمزة نائب الدر السابق ولخص فيه ما قرأه تعليلا لأمثال هذه الحوادث - حوادث التلباني - فقال : ... ذكر بعض العلماء أن الأجسام تصدر منها أثناء حركتها الآلية إشارات ورسائل تنطلق على أمواج الأثير كأنها محطات الإصدار في اللاسلكي ، وهذه الرسائل التي تشير إلى شخصيات مصدريها و تحمل بعض أفكارهم تهز مراکز خاصة في أدمغة من لهم سابق معرفة بأصحابها أثناء انطلاقها ، فتلتقطها هذه وكأنها محطات الاستقبال تقابل محطات الإصدار الأولى ، وكأن لكل إنسان محطتين أو جهازين للاصدار والاستقبال ، ولما كانت هذه الرسائل متفاوتة القوى كانت هناك وسائل تصدر مبنة أو ضعيفة فلا تصل إلى أحد ، وأخرى تصدر قوية لكن ضعفة أو خللا في محطة الاستقبال يحول دون تلقيها » ثم سألتي الأستاذ رأيي في هذا وختم خطابه قائلا : وقطة أخرى أحسبها تحتاج إلى جلاه علمی هی : کیف بلغ صوت عمر بن بن الخطاب سارية ومحبه حين ناداهم بقوله : ياسارية بن حصن ، الجيل الجبل ! فاستجابوا له ؟ ( ومن اللازم فيما أرى أن أبدأ بتقرير الحد الذي يكفينا أن نقف عنده فيا يرجع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وملكة التلباني أو التلفزيون . فقد أردنا أن نذكر علامات العبقرية عند بعض النفسانيين المحدثين ، ومنها « الحساسية » الخاصة التي تلاحظ على بعضهم فيشتهرون بالغرابة في إيحاء الأفكار واستيحانها ، وقلنا إن عمر بن الخطاب قد لوحظ عليه من ذلك علامات كثيرة ... كالفراسة وصدق الظن وسرعة التنبه إلى الفوارق الدقيقة بين المذوقات كما تنبه إلى الفارق بين لبن ناقة ولين ناقة أخرى ، وكلتاهما في مكان واحد ومرعي واحد . وما روي عنه حديث سارية الذي أشرنا إليه . وقد لخصناه وقلنا بعد تلخيصه : ولا داعي للجزم بنفي هذه القصة استنادا إلى العقل أو إلى العلم أو إلى التجربة الشائعة .