صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/141

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۳۳ - معه وهو يستغيث ، وقد سمع في المسجد الذي كان عمر يخطب فيه ، وقد سمع الصوتان: صوت الاستغاثة وصوت الاستجابة على طول الطريق ، ولم يذكر لنا و لنا رواة القصة شيئاً من ذلك ، ولو ذكروه لتحدث به الألوف من جند سارية ومن المصلين مع عمر ولم يقتصر حديثه على بشير واحد أو نفر قليلين . أما الصورتان الأخريان فكلتاها تمثل لنا وصول الصوت أو وصول الخاطر على الأصح بطريق الإيحاء من نفس عمر إلى نفوس سامعيه ، ولكن التقاء نفسين أيسر قبولا من التقاء نفس واحدة من جانب ، وألوف النفوس من جانب آخر ، ولهذا قلنا أن التقاء الشعورين بين عمر وسارية أسهل الصور الثلاث قبولا ، متى قلنا بوقوع الاستغاثة ووقوع الاستجابة . والأستاذ شاهين قد سأل في خطابه سؤالا يشتمل على بعض الجواب الذي أحبناه حيث قال : إذا كان الأمر أمر رؤية بعيدة فهل تقف الرؤية عند الماديات أو تتعداهـا إلى الأفكار ؟ فقد يحدث أن يذكر الإنسان شخصاً ويذكر معه أمراً معيناً ، ولا يلبث ا أن يلقى الشخص الذي ذكره فيبادره هذا بحديث عن ذلك الأمر المعين بنفسه ، كما حدث لى مراراً ، وهذا مما يغرى بالميل إلى الفكرة القائلة بحركة الأجسام. والإشارات الصادرة منها والتي يلتقطها جانب ثان » . فالتمثيل بمحطات الإرسال ومحطات الاستقبال هنا تمثيل مقبول لتقريب التصور وسهولة التشبيه ، ولا مانع من اتصال النفوس على البعد وهى تتصل على القرب اتصالا لاشك فيه ، فإذا اتفق أن نفسين توجهتا كلاها إلى الأخرى – في وقت واحد • فذلك أحرى بتوافق الشعور وتوافق الخاطر ، والجزم بإمكان هـذا أصح من الجزم بامتناعه إذا لم يكن بد من أحد الأمرين . يحدث كثيراً – كثيراً جداً ـ بين الصديقين المتفاهمين أن يطيلا الجلوس معاً صامتين ، ثم يعودا إلى الحديث فجأة فإذا هما يطرقان موضوعاً واحداً أو يسألان ●