صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/142

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ١٣٤ - عن شيء واحد . ولو كان هذا الموضوع على اتصال بما كانا يتكلمان فيه قبل ذلك لقلت الغرابة في اتفاقها عليه بعد صمت طويل ، ولكنه يكون أحيانا بمعزل عن كل موضوع طرقاه ذلك اليوم . فما تعليل ذلك ؟ تعليله تقارب الشعور والتفكير ، وها لا يتقاربان هنا بأداة مادية حتى يقال بالفرق بين حصوله في حجرة واحدة وحصوله على مسافة أميال . فإنكار هذا الاتصال أصعب من إثباته ، والقول بإمكانه قول تعززه احتمالات قوية ومشابهات مألوفة وروايات متواترة ، ولايقف أمامها من ناحية النفى إلا مجرد الإنكار أو سوء فهم الواقعيات والماديات . وقد وصلنا في زماننا بالماديات إلى حدود الروحيات ، فانتقلنا بها من هذه الأجسام التي تلمس وتدرك بالحس إلى الذرات ، ثم إلى الطاقة ، ثم إلى الإشعاع الذي يدركه الفكر ولا تمسكه الحواس ، فمن الحيطة أن نقل من الإنكار بعد أن أسرفنا فيه وقد جاء زمان كان الإنكار فيه حسنا بعد إفراط الناس في الإثبات ، فهل ندور الآن دورة من تلك الدورات الفكرية المعهودة فتسرف في القبول بعد إسرافنا في الإنكار ؟ لا هذا ولا ذاك بالحسن المأمون ، وإنما الحسن المأمون أن نأخذ بدليل ونرفض ر بدليل ، وأن نعلم أن العجائب في الدنيا لاتنتهى فلا نغلق على أنفسنا بابها مختارين . Fo