صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/15

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٧–

الأدباء كما يجتمع الأطباء والمحامون والمهندسون، وكل أديب منهم نموذج لا يتكرر، ونمط لا يقبل المحاكاة، وأدب تقابله آداب متفرقات.

إن محاميًا قديرًا ليغني عن محام قدير، ولكن هل يغني أديب كبير عن أديب كبير؟ وهل ينوب خالق في الفنون عن خالق آخر في الفنون؟ كلا … لن ينوب هذا عن ذاك ولن يختلط هذا بذاك، كما أن الوجه الجميل لا ينوب عند عاشقه عن الوجه الجميل، ولو اشتركا معًا في صفة الجمال.

كل أديب نمط وحده، وكل أديب في غنى عن سائر الأدباء، إلا أن يتعاونوا كما أسلفنا في الحواشي والظروف دون الجوهر واللباب.

***

أللأديب رسالة؟

نعم، ليس بالأديب من ليست له في عالم الفكر رسالة، ومن ليس له وحي وهداية.

ولكن هل للأدب كله رسالة تتفق في غايتها مع اختلاف رسائل الأدباء، وتعدد القرائح والآراء؟

نعم، لهم جميعًا رسالة واحدة هي رسالة الحرية والجمال.

عدو الأدب منهم من يخدم الاستبداد، ومن يقيد طلاقة الفكر، ومن يشوه محاسن الأشياء.

وخائن للأمانة الأدبية من يدعو إلى عقيدة غير عقيدة الحرية، أفيدري الأستاذ توفيق ما هو — في رأيي — خطب الثقافة الإنسانية الذي يخشاه دوهامل ويشفق منه كُتَّاب أوروبا كافة على مصير الذوق والتفكير والفن والشعور المستقيم؟

أفيدري الأستاذ توفيق ما هو — في رأيي — سر الفتنة الحسية التي غلبت على الطبائع والأذواق، وتمثلت في ملاهي المجون أو ملاهي الأدب الرخيص؟