صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/160

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۰۲ – وآية ذلك أن نسأل كم عدد المعبرين عن الحس والخيال في الشرق كله ؟ وكم عدد هؤلاء في أمة واحدة من أهم الدنيا المريدة العاملة ؟ كم في أمة واحدة من أهم الدنيا المريدة العاملة السيدة الأيدة من مصور بن ومثالين ؟ وكم فيها من موسيقيين ومنشدين ؟ وكم فيها من ممثلين ومخرجين وكتاب روايات وشعراء وأدباء ؟ وكم فيها من متاحف وتماثيل ؟ وكم فيها من باعة أزهار وأساتذة تجميل ؟ وكم فيها من مغامرين مقاديم يبيعون الواقع بالخيال ، ويستغنون عن الممكن الميسور بما يلوح للعاجزين كأنه محال ؟ كم من هؤلاء في أمة واحدة ! وكم منهم في الشرق كله هذا الزمان وأخشى أن أقول في جميع الأزمان ؟ إن لم تكن الحقيقة أن الشرق مسكين غاية المسكنة مدقع غاية الادفاع في أزواد الحس والخيال ، فالأسطورة الكبرى ولا ريب هي أنه مسرف في حسه وخياله ، مفرط في شطحاته وآماله . ا فما بالنا نحار كيف نعمل ، وأولى بنا أن نحار كيف نحس ونتخيل ؟ وما بالنا ننشد أسباباً للحركة والعمل غير أن نملأ نفوسنا بالاحسـاس كأنما هذا وحده غير كاف ؟ وكأنما نحتاج بعد الإحساس إلى مزيد ؟ إن الانسان ليثور من السخط والغضب حين ينظر إلى شعرائنا العجزة المعدمين . وهم يتيهون من الغنى الموهوم ، و يتغطرسـون بالثراء المعدوم . واسمعهم يتغنون بالحب مثلا والحب فيض في الشعور واتساع في آفاق الوجدان ، واسمعهم يتغنون به وهو صنوف .لا تنحصر في معنى واحـد ولا في نمط فريد : حب الناشئين غير حب الكهول ، وحب التفاهم والتعاطف غير حب المتع والشهوات ، وحب المرأة المطواع اللعوب غيرحب المرأة العصية الشموس ، وحب المنكوب اللاجيء إلى حرم العاطفة غير حب السعيد الناعم بما في يديه ، وحب الواثق غير حب المرتاب ، وحب الوسيمة القسيمة غير حب الرشيقة الظريفة ، وحبك الأول غير حبك بعـد تجربة ومراس ، وصنوف . 6