صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/171

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ١٦٣ - و « رابعاً » أن تفاوت الفرص امتحان صادق لكفاءة المجتمعات الإنسانية ، بل هو امتحان لفضيلة الانسان التي امتاز بها على جميع الأحياء ، وهي قدرته على تنقيح الأوضاع الطبيعية وعلاج الأمور بالتفكير والتدبير ووحى الخلق والضمير . فإذا ولد الأفراد متفاوتين في القسم والجدود لم ينته بذلك كل شيء في مقادير البشر وموازين الحياة . بل تبدأ هنالك فضائل المجتمعات المهذبة وتجارب العقول البشرية ، وينصب الميزان للمجتمع الصالح فتكون قدرته على التسوية بين الفرص مقياساً لصلاحه وارتقائه على غيره من المجتمعات وللحكم على حالة موجودة ينبغي أن نعكسها ونتخيل الحالة التي تناقضها ، ثم نوازن بين الحالتين لنخلص من الموازنة إلى الرأى الصواب في النقد والتماس التغيير . فلنوازن بين حياة فيها الفوارق الكبيرة والصغيرة ونحن نعالجها بجهود الأفراد والجماعات ، وبين حياة خلت من جميع الفوارق ولا حاجة فيها إلى جهد من الفرد أو جهد من الجماعة . نوازن بين هاتين الحياتين وننظر بعدها أي الحياتين أشبه بمعنى الحياة وأيها أشبه بالآلة الصماء . . وأحسب أن الجواب المجمع عليه غير مجهول ، وأننا لا نتمنى أن يصبح الناس كلهم على مثال واحد كتائل القوالب والمصنوعات ، ولا نتمنى أن يتفاضلوا بغير عمل الفضلاء يصححون به من دنياهم ما يحتاج إلى تصحيح . هل الحياة لوترية ؟ من كلا . ليست الحياة لوترية وليست اللوترية نفسها لوترية إذا فهمنا من هذه الكلمة ، انها مصادفات خالية من الأسباب . و إنما الحياة أسباب تعرف بعضها ونجهل بعضها ، والذي تعرفه من تلك الأسباب يخضع لنا تارة وتخضع له تارة أخرى . وعلينا – إذا أردنا أن نحقق معنى الحياة في أنفسنا – أن نعالج ما نستطيع