صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/175

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ١٦٧ - الامتيازات أو في الأموال التي يملكها الأجانب بيننا ولا يزال لها في سياستنا الداخلية وسياستنا الخارجية صوت مسموع . فالوزير المصرى ينزل إلى الحومة في سباق الحواجز والخنادق والسدود من حيث يجرى الوزير الأوربي إلى غايته في ميدان مفتوح مكشوف خلو من هذه العراقيل ر والوزير المصرى يبدأ عملا غير مسبوق في الدواوين المصرية ، لأنه نشأ مع عهد الاستقلال منذ عشر سنين ، أو مع عهد الدستور منذ عشرين سنة . ولكن الوزير الأوربي يتمم عملا مسبوقا و يمشى في سبيل مطروق ، ويقوم على رأس الهرم الحكومي بعد أن توطدت قواعده وأركانه بين ظهراني الأمة وفي حجرات الدواوين خلال مئات من السنين . و إذا كانت هذه هي الحقيقة التي لا مكابرة فيها فمن أين جاء ذلك الاعتقاد الجازم بأن الساسة المصريين أقل من الساسة الأوربيين أو لابد أن يكونوا أقل منهم في الكفاية والاقتدار ؟ جاء ذلك من وهمين شائعين : أحدها هو الخلط بين قوة الدولة وقوة وزرائها وتوهم الناس أن الوزير الإنجليزي أو الأمريكي أعظم مثلا من الوزير التركي أو • اليوناني لأن انجلترا وأمريكا أعظم من تركيا واليونان . وهو وهم ظاهر البطلان من المشاهدة فضلا عن المنطق والقياش ، لأن وزير تركيا قد يكون أعظم من وزير انجلترا في الحنكة وجودة الرأي وطول الخبرة بالشؤون الدولية ، وإن كانت انجلترا أعظم من تركيا بالثروة والعلم والسلاح . وسويسرة أصغر حجما وشأنا . الولايات المتحدة الأمريكية ، ولكن من من الجائز جداً أن يختار السويسريون رئيساً لهم يفوق رئيس الولايات المتحدة في العلم والدراية والمناقب الشخصية ، وليس من اللازم أن تكون النسبة بين الرئيسين كالنسبة بين سويسرة والولايات المتحدة في الغني والصناعة وعدد السكان واتساع الأقطار .