صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/176

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- 168 - وعلى هـذا القياس نفسه لايلزم أبدأ أن يكون الساسة المصريون أقل من الساسة الأوربيين لأن الدولة المصرية أقل في الجاه والمال من الدولة الإنجليزية أو الدولة الفرنسية أو الدولة الروسية ، أو ما شئت من الدول الكبار . والوهم الآخر الذي سوع الاعتقاد الجازم بتفوق الساسة الأوربيين ضرورة على الساسة المصريين هو كثرة المهاترات والمنابذات بين هؤلاء وقلتها بين الساسة في الدول الديمقراطية الكبيرة ومن الواجب أن نذكر هنا أن المنازعات قد تبلغ في أمم الغرب الأوربية والأمريكية مبلغاً لا نحلم به في هذه البلاد . وليست المهاترات والمنابذات في أمريكا الجنوبية أو أوربة الشرقية بأهون منها في البلاد المصرية ، وما دام السياسي قادراً على سحق خصمه بالقول أو بالعمل فهو يسحقه في كل مكان سواء كانت الخصومة بين الشرقيين أو بين الغربيين . وإنما يمنع السياسي أن يفعل ذلك سلطان الرأى العام حيث يكون له سلطان نافذ سريع النفاذ فالرأي العام الذي يعرف الباطل ويسقط قائله ضمان قوى لمنع المهاترات والمنابذات . والرأى العام الذي يستمع لكل قول ويصغى إلى كل تهريج ويسمح " للساسة أن يستغفلوه وأن ينقضوا أمامه اليوم ما قد أبرموه بالأمس هو المسئول عن رواج المهاترات والمنابذات قبل الساسة وقبل الخصوم السياسيين . ولم يكن مستر تشرشل أقل رغبة في الغلبة على مستر أتلى من وزرائنا حين يهجم بعضهم على بعض وينحى حزب منهم على الحزب الذي يقاومه في الخطط أو في الميول ، ولكنهم أخذوا عليه هناك كلمة نابية في نضاله الحزبي فخسر من الأنصار أضعاف من هزم من الخصوم فالمهاترات والمنابذات ميسورة للسياسيين في كل مكان وبين كل أمة شرقية