صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/178

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

مساجلات

القيني كاتب معروف يتشيع للبدع الحديثة حتى تقدم فيتركها ويتشیع لغيرها فقال لي : إنك أنكرت « الوعي » الباطن في التصوير، وأخذت على غلاة المحدثين أنهم يعتمدونه في صورهم ، مع أنك ترجع إليه في شعرك وترسم بالقلم نظائر لا يرسمونه بالريشة . قلت : مثل ماذا ؟ قال : مثل قولك في وصف قبة الفضاء إحدى الليالي : كأنها الهاوية المقلوبة سكانها الجمجمة التخوية تهمس فيها الذكر المحبوبة وهذا من صور الوعي الباطن وليس من صور العيان . والذي قاله الكاتب المعروف يخالف الواقع ولايؤيد المدرسة الغالية من المصورين , أو مدرسة « السريالزم » على وجه من الوجوه . فأنا ، من جهة ، لم أنكر الوعي الباطن ولا موجب لإنكاری إياه ، وإنما أنكرت أن يكون وجود الوعي الباطن ملغيا للوعي الظاهر، وللمشاهدات الحسية ، والمرئيات العيانية ، وأنكرت أن يكون الوعي الباطن ملغيا لقواعد التصوير قديمها وحدينها ، فلا تبقي للمصور منية على الجاهل بفن التصوير، لأنهما على حد سواء بهملان التلوين والمشابهة وأصول الرسم والتمثيل ، وأيت أن أعتقد كما يعتقد الواهمون أن « الوعي الباطن » شيء جديد في هذه الدنيا ، وهو هو تلك الملكة الراسخة في قرارة النفوس قبل ظهور التصوير والمصورين ، فلم يكن رسوخها هذا حائلا بين 6