صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/179

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۷۱ - المصورين الأقدمين و بین رؤية الأشياء كما يمثلها العيان . إن الوعى الباطن ليس من اختراعات هارتمان ولا فرويد ، ولا من مصنوعات القرن العشرين ، ولكنه ملكة إنسانية وجدت في مصورى رومة وهولندة وإسبانيا كما توجد في المصورين المحدثين ؛ فلماذا تلغى العيون اليوم ولا نرى الأشياء إلا بالتنجيم والتخمين ؟ ومن الذي قال إن حامل الريشة هو المتخصص في تنجيات الوعى الباطن دون المعلم والمهندس والطبيب والكاتب والشاعر وسائر المثقفين وغير المثقفين ؟ هذا كلامي عن « الوعى الباطن » لا يدحضه الشعر الذي ذكره الكاتب المعروف وأراد أن يسلكنى به في عداد أولئك المنجمين . على أن الشعر الذي ذكره الكاتب المعروف يعطى العيان حقه و يعتمدعلى الحس ولا ينسى المشاكلة ولا المشابهة من جانبها الظاهر ولا من جانبها الباطن أقل نسيان . فالتجويف ملحوظ في قبة الفضاء وفي الجمجمة المنخوبة ، وهمس الذكر يقترن بالرأس و يقترن بالسماء في لياليها المرهوبة ، وإذا تسر بلت السماء بسر بال الرهبـة ، فالشعور الذي توحيه إلى النفس أقرب شيء إلى شعور الإنسان أمام الرؤى التي أحاط بها عالم الفناء والأبدية . فالمشابهة الحسية والمشابهة المعنوية متوافرتان هنا كل التوافر ، وليس • في « السريالزم » أثر للمشابهات ولا للتوافق بين الرسم والتصوير . على أننا نذهب مع الكاتب المعروف إلى أقصى مداه ونفرض أن وصفى الفضاء في إحدى الليالي المرهوبة بالجمجمة المنخوبة وعي" باطن ليس فيـه من الوعى الظاهر كثير ولا قليل . ) نفرض اننى رجعت إلى « الوعى الباطن » في بيت أو بيتين أو عشرة أبيـات من عشرة آلاف بيت . فأين هذا من إلغاء الحس والعيان كل الإلغاء وتطليق العيون والأسماع إلى آخر الزمان ؟ إن تسلل الوعى الباطن مرة في كل ألف مرة لهو احتمال جائز موافق لطبيعة السوانح الباطنيـة . أما الوهم الذي لا يجوز ولا يوافق طبيعـة «