صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/180

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

من الطبائع ، فهو أن نصبح كلنا وعيا باطناً ، وأن تصبح الدنيا كلها موعيـة باطنة ، لا تستخدم فيها عين ولا أذن كما يستخدمها خلق الله في المسكن والملبس والطعام والشراب والدرس والتخيل والتفكير . هذا الذي ننكره وينكره كل ذي عينين وكل ذى وعى باطن مستقر في مكانه كما خلقه الله . أما المصورون الذين يقذفون بالألوان والرسوم إلى عرض الطريق ليحدثونا باسم « الوعي الباطن » فأول ما ينبغي أن يسمعوه منا أنكم يا هؤلاء لستم بأصحاب الاختصاص في هـذه الأسرار . فإذا فشلتم في حمل الريشة وخلط الألوان فقد فشلتم في وظيفتكم المعترف بها وادعيتم لأنفسكم وظيفة لا يعترف لكم بها إنسان ، ولا حاجة بالناس إليها لأنهم جميعاً أصحاب « وعى باطن » مثلكم وزيادة ... فما حاجتهم إليكم و إلى غيركم من أدعياء هذه الكهانة المعروضة عليهم في ثوب التصوير؟ - ۱۷۲ – ( ..... ومن المساجلات التي نبهت إليها كلة لأديب قال فيهـا عنى في صدد الكلام على أبي العلاء ورسالة الغفران : « . . . والعقاد يبدأ فيؤكد – فيما يعلم – أن فكرة أبي العلاء في هذه الرحلة إلى العالم الآخر لم يسبقه إليها أحد غير لوسيان في محاوراته في الأولمب والهاوية . وهذا قول عجيب يدخل في سلسلة تأكيدات الأستاذ العقاد التي لا حصر لهـا في كل '. ' ماكتب ، والتي كثيراً ما تدهشنا لجرأتها ؛ ففكرة الرحلة إلى العالم الآخر قديمة قدم الإنسانية ، عرفها اليونان قبل لوسيان ، وعرفها العرب قبل أبي العلاء » . لا يا شيخ ! العالم الآخر قديم قبل لوسيان ، والجنة والنار قديمتان قبل أبي العلاء 1 بنبحان الله ! كنا نظن غير هذا ... كنا نظن أن الجنة والنار خلقتا بعد المعرى بثلاث أربع سنوات ! وأن لوسيان ظهر على الأرض فظهر معـه الجحيم السفلي الذي تحدث به اليونان .