صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/187

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

. - ۱۷۹ - مطالب الجمال ، هي أمة لا تستحق الطعام ولا تستحق الوجود . فبحسب الفرد عشر ساعات من الأربع والعشرين للكد والكدح وطلب المعاش ؛ وبحسب الأمة تسعة ملايين وتسعمائة وتسعة وتسعون ألفاً عشرة ملايين بين أفرادها يكدون ويكدحون لمعاشها . وغير كثير بعد ذلك ألف أو أقل من ألف يذكرونها الجمـال و يعبرون لها عن أحلام الحياة التي يعطيها الطير والحشرة ، وتعطيها الضارية والبهيمة كل ما استخلصته من براثن الضرورات . لا بل نزيد على ذلك أن الألف الذين يذكرونها الجمال و يعبرون لها عن أحلام الحياة لا يخلون من فائدة في باب الخبز والطعام ، إذا نظرنا إلى النتائج والحقائق ولم نقصر النظر على البوادر والعناوين . فالشاعر الذي يفتن المرء بجمال الزهرة ، يرفعه من معيشة الذل والشظف ويجعل قناعته بالدون والسفساف ضرباً من المستحيل . وفكتور هوجو لم يكن من أصحاب البرامج الاجتماعية ، ولكنه وصف البؤس والظلم فأغنى عن البائسين والمظلومين ما لم يغنه الدعاة المنقطعون لما يسمونه : مشاكل المجتمع وبرامج الإصلاح . وكل نغمة موسيقية تعبر عن شوق إنساني هي خبز لايحسن بالإنسان أن يحتمل جوعه و يصبر على فقده ، لأن عدم الخبز الذي تطلبه المعدات فقر وعوز . أما عدم الخبز الذي تطلبه الأرواح ، فهو مسخ وحرمان من الأذواق والأخلاق . ويكثر الاشتراكيون من ذكر الاقتصاد ، ويحسبون الدنيا بحذافيرها اقتصاداً .. في اقتصاد ، وهم يخالفون قواعد « القصد الطبيعي » فيما يشيرون به على نوابغ الأمب والفنون ، لأنهم يطلبون من العبقريين الموهوبين عملا يقوم به من ليست لهم عبقرية فنية ولا ملكة أدبية ، وإنما يغنى فيـه من درسوه وحذقوه وتفرغوا لإحصاءاته وقواعده ومقابلاته ومقارناته ، ونريد به بحث المسائل الاجتماعية ، ومشائل الفقر والغنى ، وتوزيع الثروة ونظام الطبقات ، فهذه موضوعات لا حاجة بها إلى عبقريات هوميروس وابن الرومي والمتنبى وشكسبير و بيرون ؛ ولا نخسر شيئا إذا أقبـل عليها ا 6