صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/193

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

<-110- المرأة إلا المرأة ، ولاعن الرجل إلا الرجل ، ولا يسمح للرجال أن يكتبوا عن الحوادث التي تدور وقائعها بين الرجال والنساء . واليوم نسمع دعوة أخرى إلى انفراد كل جيل بالكتابة عن جيله الذي يعيش فيه ولا يتعداه إلى جيل آخر ، فلا يسمح لنا نحن أبناء العصر الحاضر أن نكتب عن شيء يتجاوز القرن التاسع عشر راجعاً أو القرن العشرين متقدماً إلى الأمام . رأى غريب لو صحت مقدماته وأسبابه . ، و إنه لأمعن في الغرابة حين نرجع إلى المقدمات والأسباب فلا نرى مقدمة منها أو سببا يقوم على ركن صحيح . . إذ ليس بصحيح أن أبا بكر وعمر قد كتب عنهما ماننا كتاب إلى الآن ، لأن الذي كتب عنهما إنما كتب عن الحوادث والأخبار في عصرها ، وهو مع ذلك لا يزيد على أصابع اليدين . أما « الصور النفسية » التي تصـور لـنـا كلاً منهما على حقيقته الإنسانية فلم توصف قط قبل هذا الجيل. ومتى وصفت صورة نفسية عن إنسان في زمن من الأزمان فهى صورة عصرية تهم الإنسان حيث كان من أول الزمان إلى آخر الزمان . بل الواجب المفروض على كل أمة تنبعث إلى الحياة أن تجدد فهم تاريخها ، وتعقد الصلاة الوثيقة ما بينه وبينها ، ولا تقتصر على فهمه كما كانوا يفهمونه قبـل مئات السنين . وعلى أنه لو صح أن المصنفات التي كتبت عن عظماء التاريخ العربي فيها الكفاية التي تغنى عن المزيد من التصنيف والتصوير فليس في ذلك حجة تتجه إلينا “ وتسوغ الملامة علينا لأننا لم نترك جيلنا الحاضر معرضين عن أبطاله وزعمائه وأصحاب الأثر في حياته القومية والوطنية ؛ بل كتبنا - « سعد زغلول » مجلداً ضخماً يساير الحركة الوطنية من الثورة العرابية إلى اليوم الذي تمت كتابته فيه ، وساهمنا بحصتنا في هذا الباب عن