صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/204

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۹۶ - قال أبو الطيب والعـار مضاض وليس بخائف من من خاف مما قيـلا يريد أن الرجل قد يقدم على الموت ولا يقدم على العار ، ويحسب أن العـار 1: ، كله فيما يقوله النـاس . فأهون الشجاعات عنده هي الشجاعة على الموت ، ثم يجعل الخوف من المار أكرم من الإقدام على الحمام لكن الحقيقة أن شجاعة العقيدة أرفع من الشجاعتين بلا مراء ، و إن شجاع العقيدة أكرم من الشجاع على الموت ، ومن الشجاع الذي يموت لأنه يتقى العار ، ويفهم أن العار هو ما يقول الناس إنه عيب ذميم ، وأن الشرف هو ما يقول الناس إنه فضل حميد . أكرم من هذا وذاك من لايبالي بالموت ولا يبالي بما يقوله الناس إذا اعتقد أنهم مخطئون فيه . ولا شجاعة في الجرى مع القطيع حين يثور ويعدو في الطريق الذي تدفعه إليه الغرائز الهوجاء ، ولكن الشجاعة كل الشجاعة أن يقف الرجل أمام ذلك القطيع ثم لا يتخلى عن مكانه حتى يصد القطيـع أو يغلب على أمره غير مختار ولاملوم . وهذه الشجاعة الأدبية التي تعلو درجات على شجاعة الموت وشجاعة العـار الشجاعة التي تتمثلها في رومان رولان الذي يقول : « إن الإيمان – وليس النجاح – هو غاية الحياة . » وهي هي التي تحتاج إليها نحن الشرقيين قبل كل حاجة ، ونتحلى بها قبل كل حلية ، ونجتزىء بها إذا كان لابد من الاجتزاء بفضيلة واحدة من الفضائل تغنى عن سائرها ؛ لأن الأمة التي تحسن أن تجهر بالحق وتجترىء على الباطل تمتنع فيها أسباب الفساد ، أو يكون مجرد اقتدارها على تلك الفضيلة دليلاً لادليل بعده على امتناع أسباب الفساد . هی -