صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/206

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۱۹۸ – ولم يجئه من أبطاله الذين در بهم على نظامه سنوات بعد سنوات وتعليل ذلك غير بعيد على من يكلف نفسه مؤونة النظر وراء المواكب والصيحات ا لأن الشجاعة خلق من الأخلاق ، وليست نظاماً من النظم المدروسة ، وكل خلق من الأخلاق فلا بد له من الشعور بالتبعة ومن الحرية التي يقتضيها الشعور بالتبعة ، لأنك لاتحمل الإنسان تبعة خلقية وأنت توثق مشيئته يوثائق الطاعة العمياء ، ولاتعوده خلقاً قط ، وهو ملقى التبعة على سواه . وأظهر من هذه العلة البدهية علة الإحجام عن معونة الدولة المدبرة ومن حولها أولئك الأنصار الناشئون على يديها . فإن جنود الفاشية قد نبتوا في حمايتها وقاموا على يديها ، فهي التي تحميهم وهى قوية ، وهم العاجزون أن يحمـوها يوم تزول عنها القـوة . ومن قام على يد فهو يضرب بها ولا يضرب دونها ، ويسقط معها ولا يقيمها بعد سقوطها . وهكذا صنع الجنود الفاشيون بالدولة الفاشية ، وهكذا يصنع أمثالهم بأمثالها في كل زمن وبين كل قبيل . فالتربية على الشعور بالتبعة – أو على الشجاعة الأدبية بعبارة أخرى – , هي حاجتنا اليوم نحن المصريين أو نحن الشرقيين على التعميم ، وأمثولة رومان رولان ألزم لنا من أمثولة العسكرية المزعومة التي رأينا قصارى جهدها في تاريخ قريب لانزال نشهده ، ولا حاجة بنا إلى التاريخ البعيد