صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/208

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۰۰ – على اختلافه بمغن عنها ، لأنه في ذاته أحد المعادن التي تحتاج إليها في الحرب والسلم وفى الصناعة والتجارة » ولكنه بعد كل هذا يذهب إلى السوق ليشترى الحديد ، فلا يبذل فيه ثمن الذهب والفضة ولا ينكر على التاجر أن يزن له درهما من النقد برطل من الحديد المفيد . وقد قلنـا في كتاب « في بيتي » إن القصاص قد يرجح الشاعر في الملكة الذهنية والقريحة الفنيـة ، ولكننا لا نفضـل القصـة على الشعر من أجل ذلك كما لا نفضل الجميز على التفاح ، لأن الأرض التي أثمرت الجميز كانت في حالة من الحالات أخصب وأجود من الأرض التي أثمرت التفاح . وينفعنا مثل الجـاد هنا كما ينفعنا مثل النبات ، فإن تاجر الحديد قد يكون أغنى وأقدر من تاجر الذهب ، وقد يكون المنجم الذهبي أقل ربحاً ومحصـولا من المنجم الحديدي في حالة من الحالات ، ولكن تقويم المعدنين لا يتوقف على تقويم التاجرين أو المنجمين ، لأنهما لا يرجعان إلى نوع واحد من التقدير والحساب . ويقول الأستاذ محمد قطب : « قرأت سارة وقرأت في الديوان ما يقابلهـا من شـعر ، وهو شعر جيد رفيع ، ولكنني لا أستطيع مع ذلك أن أقول إننى استغنيت به عن قراءة شارة ، أو إن شـارة ليس فيها جديد مفيد من الدراسات النفسية العميقة ... » فالذي نقوله : إن الأستاذ غير مطالب بأن يقول هـذا في باب الموزانة بين - الروايات والقصائد ، لأن موافقته على رأينا في الشعر والقصة لا تقتضيه أن يمحو القصة وأن يثبت الشعر وحده ، وإنما يبقيهما ويبقى معهما الترجيح بينهما ، ويقدم الشعر على القصة في هذا الترجيح ولا حاجة به إلى جهد طويل للتسليم بفضل الشعر على القصة في هذه الموازنة ، لأنه ينتهى إلى هـذه النتيجة إذا سأل نفسه : أيهما أوفر محصـولا من الشعور والثروة النفسية ؟ ألف صفحة من الشعر المنتقى ، أو ألف صفحة من الرواية المنتقاة ؟