صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/209

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۰۱ - أما أنا فجوابي على ذلك جزما وتوكيداً أن صفحات الشعر أوفر وأغنى ، وأن معدن الشعر من أجل ذلك أنفس وأغلى من معدن الرواية . فإذا كان هذا رأيه فقد اتفقنا . . و إذا لم يكن رأيه ورأيي متفقين في ذلك ، فهذا هو الجمل وهذا هو الجمال كما يقولون في أمثالنا الوطنية : هات ألف صفحة من رواية أو عدة روايات ، وخذ ألف صفحة من الشعر الرفيع ، وارجع إلى حكم القراء فيما شعروا به بعد قراءة القصائد وقراءة الحكايات ، أو قدر ما يشعرون به على سبيل الظن والتخمين ، واحتفظ برأيك بعد ذلك كما تشاء . إنني لم أكتب ما كتبته عن القصـة لأبطلها وأحرم الكتابة فيها ، أو لأننى أنها عمل قيم يحسب للأديب إذا أجاد فيه ولكنني كتبته لأقول « أولا » إننى أستزيد من دواوين الشعر ، ولا أستزيد من القصص في الكتب التي أقتنيها . وأقول « ثانياً » إن القصة ليست بالعمل الذي يحسب للأديب ، وإنها ليست بأفضل الثمرات التي تثمرها القريحة الفنية ، وإن اتخاذها معرضاً للتحليل النفسي أو للإصلاح الاجتماعي لا يفرضها ضربة لازب على كل كاتب ، ولا يكون قصارى القول فيه إلا كقصارى القول في الذهب · والحديد : الحديد نافع في المصانع والبيوت ، ولكنه لايشترى بثمن الذهب في سوق من الأسواق .

وكتب العالم الفاضل الأستاذ على العارى المدرس بالأزهر يعقب على المقياسين اللذين ذكرتهما في الكتاب للمفاضلة بين الشعر والقصة ، وها : « أولا » أن القصة كثيرة الأداة قليلة المحصول ، و « ثانيا » أن الطبقة التي تزوج بينها القصة لاترتقي في الثقافة والذوق والتمييز مرتقى الطبقة التي تفهم الشعر وتشعر بمعانيه . وقد قال الأستاذ : « فالمقياس الأول تحدث عنـه علماء البلاغة والنقد فكانوا