صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/216

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۰۸ - دع هذا جميعه فقد يكون في نسيانه بعض أعذار لمن ينسون ، ولكن كيف تراهم يجارون الأقدمين في مبالغاتهم عن هؤلاء العظماء ، وهي قائمة على دعاوى وأكاذيب نحن على يقين من بطلانها كل البطلان ؟ ألم يكن هؤلاء العظاء أرباباً وأنصـاف أرباب وقديسين وأشباه قديسين في رأى الأقدمين ؟ فكيف نقابل بينهم وبين خلفائهم في عصرنا قبل أن نسقط في الميزان تلك المبالغات وتلك الدعاوى والأكاذيب . ان هذا لخليق أن يضيف إلى فضل المتأخرين لا أن يغض معه ويحيف عليه ، لأنهم و هم آدميون ليس إلا يوضعون في الميزان أمام أرباب وأنصاف أرباب . ليس في تاريخ بني الإنسان منذ بدايته إلى يومنا هذا عصر يعرض لنا من عجائب الحوادث والأمم والأفراد مثال ما يعرضه لنا العصر الذي نحن فيه . ليس في تاريخ بني الإنسان عصر برز فيه من البطولة والمغامرة والدهاء والقدرة والصبر على النصر والهزيمة مثل مابرز أمامنا في الحرب العظمى . وليس في تاريخ بني الإنسان عصر تولى فيه عروش القياصرة والخواقين والأكاسرة وقبض فيه على أعنة السلطان رجال من « أبناء الشعب » كمصطفى كمال ورضا بهلوى وستالين وموسوليني وهتلر وكابللرو وكرديناس . وماذا عندنا من الأدلة على أن العصاميين في الزمن القديم كانوا أعجب وأدنى إلى البطولة في صنيعهم من هؤلاء ؟. وليس في تاريخ بني الإنسان عصر واحد عرض لنا من نخوة الحب وفروسية العاطفة مثل ماعرضه لنا العصر الحاضر في غرام ملك الإنجليز السابق وصديقته السيدة سمبسون . فماذا عندنا من الأدلة على أن غرام هيلانة في طروادة المزعوم كان أعجب وأدى إلى البطولة من هذا الغرام ؟ وليس في تاريخ بني الإنسان عصر واحد عرض لنا من أطوار الشعوب ماعرضته لنا الثورة الأسبانية والثورة الروسية من قبلها ،وعرضته معها الثورات في مصر والهند والصين . فماذا عندنا من الأدلة على أن عصر الثورة الفرنسية أو عصور ثورات اليونان والرومان كان لها نصيب العجب وجلائل الخطوب أوفى من هذا النصيب الذي شهدناه ؟ .