صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/217

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۰۹ - وليس في تاريخ بني الإنسان عصر أنجب في كل أمة نموذجاً بمثلها كما أنجب عصرنا سعد زغلول وغاندى وسون پاتسن وشيان كايشيك وفيصلا وابن سعود . وليس في تاريخ بني الإنسان عصرف فيه مافي عصرنا من الحقائق التي تشبه الخيال والعبر التي تشبه نوادر الأمثال ، والشواهد التي تتعدد على كل ملاحظة من ملاحظات النفس الإنسانية والبواعث القومية والطوارق السياسية... فعندنا وعلى مسمع ومشهد منا مصداق كل رأى حام في ذهن فيلسوف ، وتطبيق كل مذهب دعا إليه داعية قديم أو حديث في عالم النظريات ، وليس في تاريخ بني الإنسان مخاطرات أهول ولا أنبل من مخاطرات ركاب الطيارات والمظلات والغواصات المتفجرة والسفن المدمرة التي يقع فيها الخطر كل يوم ويقع فيها الأقـدام كل يوم ، ولا مبالاة بالموت ولا بالخطر كانهما رياضة من اللهو أو لعبة من ألعاب الرهان . ( فإن كنا لانسمى مانبصره ونسمعه عجائب وروائع ولانحسبها معارض للبطـولة والنبوغ فقد غيرنا الاسماء وقد بدلنا اللغة ، وقد أصبحنا مطبوعين على النظر إلى البعيد دون النظر إلى القريب . نعم إننا ننظر حولنا إلى عظيم في الشعر من طراز شكسبير فلانرى له ندأ بين الشعراء المعاصرين . ولكن النوابغ من طراز شكسبير تتساوى فيهم جميع العصور ولا يستأثر. بهم القرن الذي نبغوا فيه ، وهكذا كان أبناء القرن السادس عشر خلقاء أن يبحثوا في زمانهم عمن يضارعون نوابغ القرن العشرين في العلم والاختراع والموسيقى والفن كافة • فلا يجدوا بينهم أنداداً لهم يضارعونهم كثرة وقيمة... و إن العصر الحديث مع هذا ليفهم : قصائد شكسبير خيراً مما فهمها معاصروه ، و يقدره خيراً مما قدروه ، ويمثل رواياته أكثر " وأجمل وأبرع وأكفل بالإقبال والإعجاب مما كانوا يمثلونها في حياته . أذكر أنني رأيت منذ سنوات في إحدى الصحف الإنجليزية صوراً لبعض العظاء الغابرين في أزياء العصر الحديث شفعتها الصحيفة بهذا السؤال : هل تعرفهم ؟. وحق للصحيفة أن تسأل سؤالها الآن . لأن الصور التي رأيناها لأولئك العظماء ع - م 14