صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/218

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

> - ۲۱۰ – قد سلبتهم كثيراً من الهيبة و بدلت ماحولهم من هالات الفوارق والمسافات التي يوحيها اختلاف المظاهر والأزياء . و إن حاجتنا اليوم لشديدة إلى متحف يستعرض لنا عظاء الأمس ، في أزياء اليوم ، ، وعظاء اليوم في أزياء الأمس ، لنعرف مقدار ما نضيفه إلى الغابرين من هيبة الفوارق والمسافات ومقدار ما نسلبه المعاصرين من جراء الألفة والمقاربة . فإن تعذر علينا أن نرسم ذلك المتحف عياناً فلنرسمه بالظن والتقدير . ولنرجع إذن إلى مقاييسنا وموازيننا نلمس مواضع الزيادة والنقصان فيها ونصلح جوانب الغلو والبخس في كفاتها ، ونغنم تصحيح الميزان في الحكم على الرجال والأزمان . لأن هذا التصحيح غنيمة أنفس وأجدى من تفضيل نابغ على نابغ أو ترجيح جانب على جانب... إذ لاضرر ولاقصور في اختلاف التفضيل والترجيح متى صحت النظرة واستقام القياس . تلك هي الحقيقة فيما يقال عن ندرة البطولة والنبوغ بيننا كما أراها ، أما تواتر القول بندرتها بين جماعة من الناقدين منهما م أناس فضلاء محبون للانصاف فله أسباب قد نعود إلى تفصيلها ومناقشتها . -۲- « إن كان هـذا – يا أخى – هو الذي أردت فأظن أنه لايرد على بمزايا العصر الحاضر ، وعلم العصر الحاضر ، وفن العصر الحاضر . وإذا كان النبوغ في السبق وكانت المقارنة بين عصرين بقياس مسافتي البعد ، فأرجو أن نكون على وفاق فيما ذكرت وذكرت . . وموضع الوفاق بين ما قال الأستاذ وما قلت أننا لا ينبغي أن نقيس علم السابقين إلى علم المحدثين ، فليست المقارنة بين مقدار ما نعلم ومقدار ما يعلمون ، و إنما المقارنة بين الملكات في الزمن الماضي ، والملكات في الزمن الحاضر ، وهذا ما نختلف عليه ؛ إذ لاموجب عندى لأن تكون ملكات النابغين في عصرنا أقل مما كانت في عصر الأقدمين .