صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/225

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۱۷ - کام ولكنه يعرض لنا تراجم العظاء الرياضيين وعجائب آرائهم ونوادر صباهم وطرائف أخبارهم فلا يسع القارىء إلا أن يخرج منه بتلك النتائج التي أجملناها قبل أربع عشرة سنة ، كأنها استقصاء ثم تلخيص لكل ما ورد في ذلك الكتاب . من ذلك أن الرياضي الكبير سلفستر يقول : « ألا يجوز إذن أن توصف الموسيقى بأنها رياضيات الحس وأن توصف الرياضيات بأنها موسيقى العقل، وأن يقال إن الموسيقار يحس رياضياً وأن الرياضي يفكر موسيقياً ؟ فالموسيقى هي حلم الحياة ، والرياضة هي عمل الحياة ، وكلتاها تستوفى نصيبها من الأخرى حين يرتقى الذهن البشرى إلى أوجه الأعلى و يسطع في مزدوج من العبقرية يجمع بين موزار ودير شليه ، أو بين بيتهوفن وجاوس، وهو الازدواج الذي تجلى وميض منه في عبقرية هلمهولتز وأعماله » ومن ذلك أن الرياضي السويسري النادر المثـال ليونا إيلر الذي قيل فيـه المعادلات كما يتنفس الهواء ، كان شديد التدين ، ، وكان يصلى بالأسرة إنه يصنع في منزله ، وخطر له أن ينتقل من ألعوبة ديروها في البلاط الروسي للفيلسوف «دیدرو» إلى الجد كل الجد في إثبات وجود الله بالمعادلات الرياضية . فلما تمادي ديدرو في تكفير رجال الحاشية الروسية ومجادلتهم في وجود الله تعمدت كاترين الكبيرة أن تداعبه وتفحمه من طريق الرياضيات التي كان يجهلها كما يجهل اللغة الصينية ، فوكلت به إيلر • فواجهه في جد ورصانة ولفق له معادلة وتحداه أن يجيب إن استطاع الجواب فلم يدر الفيلسوف بماذا يجيب ، وكانت أضحوكة البلاط إلى حين . قال الأستاذ (بل) مؤلف الكتاب : « ولم يقنع إيلر بفكاهته الفاخرة بل حاول ، بعد ذلك أن يجلو الزنبقة وراح وهو جاد غاية الجد يركب المعادلات والبراهين الرياضية التي تثبت أن الله موجود وأن الروح مجردة من المادة . وقيل إن هذه البراهين تسربت إلى فلسفة الفقه والتصوف على أيامه فكانت على الأرجح نخبة الأزاهير التي تتمثل فيها عبقريته الرياضية بمعزل عن الشئون العملية » ومن ذلك أن جاوس الملقب بملك الرياضيين عرف تصحيح الحساب قبل بلوغ