صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/265

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۲۵۷ وفى غير الماضي البعيـد أو القريب ، و إنما المقياس الصحيح هو طريقة الكتابة في الموضوعات التاريخية والأبطال التاريخيين ، و بهذا المقياس يحسب الإنسان سلفياً رجعياً ولو كتب عن المستقبل الذي يأتي بعد مئات السنين . إذ هو قد يكتب عنه بروح الجهل القديم والعصبية الرجعية ، وهي العصبية التي عششت في دماغ ذا غ ذلك الكاتب الببغاوى فلا ينساها في موضوع قديم ولا حديث . ومن أصدق المقاييس للمستقبلية الإيمان بالحرية الفردية والتبعة الشخصية . فليس في التاريخ الإنساني كله مقياس للتقدم أصدق ولا أوضح ولا أكثر اطراداً في جميع الأحوال من مقياس حرية الفرد بين أمة وأمة ، وبين زمان وزمان ، و بين خليقة وخليقة ، و بين تفكير وتفكير . فإذا قابلت بين عصرين اثنين فأرقاها ولاريب هو العصر الذي يعظم فيه نصيب الفرد من الحرية والتبعة الشخصية . و إذا قابلت بين أمتين في عصر واحد فأرقاها ولا ريب هي التي تدين بالنظم القائمة على تقرير حرية الفرد وتحميله التبعة في السياسة والأخلاق . وهذا الفارق الحاسم هو أيضاً مقياس الفارق بين العالم والجاهل والرفيع والوضيع والرجل والطفل والرئيس والمرؤوس وكل فاضل وكل مفضول . ولهذا كنا نحن مستقبليين لأننا ندين بمذاهب الحرية الفردية ولا ندين بمذاهب الفاشية والشيوعية ، ولانرى في واحدة منها خيراً لبنى الإنسان . وقدحار بنا الماشية والنازية في الوقت الذي كان فيه الببغاوات من أمثال ذلك الكاتب يطبلون لها ويزمرون و يسجدون لأبطالها و يركعون ، وعشنا وعاش الناس حتى رأوا ورأينا مصداق ما أنذرنا به وأكدناه وقررناه . وسنرى عن قريب مصداق ما أنذرنا به وأكدناه وقررناه في أسر الشيوعية الماركسية على الخصوص ، لأنها هي المذهب الذي نحن على يقين من سوء مصيره وسوء وقعه وسوء فهمه بين أدعيائه ، وليس هو الاشتراكية في صورتها الحرة المهذبة كما يغالط ذلك الكاتب الببغاوى في التسمية وهو يتعمد أو لايتعمد التغليط والتخليط : ع م – ۱۷