صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/267

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٢٥٩ - ولأن الفقير المتعلم يفهم الفصحى ويكتبها ، كما يفهمها سائر المتعلمين من العليـة أو السواد . فأعداء الشعب حقاً هم أولئك الذين يفرضون عليه الجهل ضربة لازب ولا يحسبونه في يوم من الأيام صاعداً . ا من حضيض الجهل إلى طبقة المعرفة والثقافة . وأصدقاء الشعب حقاً هم الذين يفتحون له أبواب المزايا العالية ويسوون بينـه و بين القادر بن على التعلم والمتكلمين بلغة المتعلمين . والمسألة هنا -- أيتها الببغاوات التي تفسر الظواهر الاجتماعية – ليست مسألة شعبيين وطبقات وأجور رؤوس أموال كما يهذى كارل ماركس وأتباعه المفتونون . و إنما هي مسألة الفارق السرمدي بين المعيشة اليومية وبين الحياة الإنسانية الباقية على اختلاف الأمم وتعاقب العصور . فكل ماهو من باب القيم الإنسانية الباقية فلا مناص له من تعبير غير تعبير السوق والبيت وكلمات التسلية والاستلقاء ، ولو أجبرنا الناس جميعاً في هذه الساعة على الكلام بالعامية دون غيرها لما استطاعوا أن يتجنبوا اللغة الخاصة . والمصطلحات الخاصة والتراكيب الخاصة سنة واحدة حين يكتبون في الطب أو الرياضة العلميا أو الكيمياء أو القانون ، ولكان عسيراً عليهم أشد العسر أن يكتبوا بالعامية • مذهبـاً كمذهب كانت أو مذهب لمبروزو أو قصيدة كقصائد المتنبي وبيرون وشكسبير . فإذا كانت اللغة الخاصة لازمة للمتعلم على كل حال لاستيفاء علم الطب أو علوم : الرياضة أو علوم القانون فلماذا تحرم عليه لاستيفاء علوم الأدب والقدرة على التعبير الذي ، لا يتجاوز حدود اليوم و يصاحب الأمم الإنسانية عدة أجيال ؟ ومن قال إن الإنسان يستخدم لغة واحدة حين يساوم على بطيخة أو حين يغسل القدور ويخرط الملوخية ، وحين يتكلم عن غبطة النفس بالربيع وسمو الأمل بالحب ونبل الفداء في سبيل المثل العليا ؟ - 6