صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/277

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-- ٢٦٩ - و إلا فما بالهم لم ينكبوا الكندي والفارابي ونكبوا ابن سينا الوزير وابن رشد قاضي القضاة ؟ . فالسكندى كان رجلا ميسور الحال موفور المال ولكنه اعتزل الناس ولم يشترك معهم في مطامع الرئاسة فتركوه يتفلسف كما يشاء ، وكان قصارى ما أصابه من ألسنتهم أنهم تندروا ببخله وزيفوا الأحاديث عن عشقه وغرامه ، وسلم له رأسه إلا مما سرى إليه – فيا قيل – من وجع في الركبة قد استعصى على العلاج . والفارابي نظر إلى محيط السموات وأعرض عن الأرض ومن عليها وقال في رياضته الهندسية ورياضته النفسية : وما نحن إلا خطوط وقع من على نقطة وقع مستوفز محيط السموات أولى بنا فقيم التزاحم في المركز ! فقالوا له : دونك وما تشتهى من محيط السموات ، ودعنا وما نتزاحم عليه من هذه المراكز والنقاط ! . أما ابن سينا فقدزج بنفسه بين المتنازعين من الأمراء والرؤساء ، فزجوه في السجن وألجأوه إلى النفى وضيقوا عليه المسالك وعلموه طلب السلامة في زوايا الإهمال . قال تلميذه ومريده أبو عبيد الجوزجاني « ثم سألوه تقلد الوزارة فتقلدها . ثم اتفق تشويش العسكر عليه و إشفاقهم منه على أنفسهم ، فكبسوا داره وأخذوه إلى الحبس وأغاروا على أسبابه وأخذوا ما كان يملكه وسألوا الأمير قتله فامتنع . وعدل إلى نفيه عن الدولة طلباً لمرضاتهم ، فتوارى في دار الشيخ أبي - سول ... إلى أن عاد . فالعلة في الأرض لا في السماء . . ۲۰ والمصيبة من « الطبيعة » لا مما وراء الطبيعة . وآفة الرجل أنه أراد أن يكبح السلاح بالحكمة ، ولو استطيع ذلك لاستطاعه أرسطو في سياسة الأسكندر . . وهيهات .