صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/278

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۲۷۰ – ثم مات الرجل في داره حينما زالت عنـه رهبة السلطان ولم يمت في الحبس كما وهم بعضهم في قول بعض حاسديه : رأيت ابن سينا يعادي الرجا ل وبالحبس مات أخس المات فلم يشف ما ناله بالشفا ولم ينج من موته بالنجاة و إنما كان « الحبس » في اصطلا حوم بديلا من داء « الإمساك » في اصطلاح هذا الزمان ! . وقد صدق هذا الحاسد الشامت حين رد البلية كلها إلى معاداة الرجال لا إلى معاداة الله أو معاداة رسل الله . وابن رشـد جمع على نفسه بين حسـد الوجاهة والنباهة و بين سخط العظماء ونكاية ذوى السلطان . شرح كتاب الحيوان لأرسطو وهذبه وقال فيه عند ذكره الزرافة « رأيتها عند ملك البربر » ... وكان إذا حضر مجلس المنصور وتكلم معه أو بحث عنده في شيء من العلوم يخاطب المنصور بأن يقول : تسمع يا أخى ! ولا يخاطبه بألقاب الملوك والخفاء . فجزاه « ملك البربر » دقة بدقة ونكاية بنكاية ، ورآه يستكثر عليه أن ينسب إلى العرب أو يسمى بخليفة المسلمين فقال له : بل أنت الدخيل على أمة العرب وملة الإسلام فيا صح لدينا من الأنساب التي لا تقبل الكلام ! . وهكذا أصبحنا « خالصين » ! ... وأصبح « محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد » يستتر وراء هذه الأسماء سلسلة من أسماء بني إسرائيل ، ونفوه إلى محلتهم في جوار قرطبة لأنه دسيسة على المسلمين من سلالة اليهود الذين يفتنون أتباع محمد بفلسفة اليونان ! . ولولا تلك المقابلة في الإساءة والانتقام لجاز أن يلصق هذا الظن بالرجل و إن لم يقم عليـه دليل أو قام الدليل على نقيضه ، لأن أعدى أعدائه الشامتين به في نكبته قد نفى هذه الدسيسة عن نسبه وشهد لجده بالتقوى والصلاح حيث قال :