صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/89

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۸۱ – يصبح أديباً بمطالعة الكتب التي تصدر في العصر الحاضر دون الرجوع إلى الكتب القديمة والاعتماد على المخطوطات السالفة ؟ » وهذا سؤال مفيد . وجوابه المفيـد أن الاكتفاء بأدب العصر الحاضر مستطاع ولكنه ليس بأفضل الحالات . وتقاس حاجات النفس على حاجات الجسد بغير اختلاف يذكر في هذا المقام . فالرجل الذي يكتفى بمحصول أرض واحدة يعيش ويأخذ بنصيبه من الحياة ، ولكنه ليس بأوفى نصيب ، وليست عيشته الجسدية كعيشة الرجل الذي يغتـذي بمحصولات البلاد على تنوعها و يأخذ من كل محصول خير ما يعطيه . وقد يوجد في الأدباء من يكتب أو ينظم وليس له اطلاع واسع على أدب عصره ولا على آداب العصور الأخرى وكذلك يوجد في أقوياء الأجسام من يأكل الطعام الغث ويستفيد منه لجودة هضمه وانتظام وظائف جسده ولكننا عندما نضع قواعد الصحة وأصول التغذية لا نقول للناس كلوا الطعام الغث واعتمدوا عليه في تقوية الأبدان وتنظيم وظائف الأعضاء . وعلى هذا القياس نفسه لا نقول للناس عندما نضع قواعد القراءة وأصول . التثقيف والتهذيب إن الاطلاع وترك الاطلاع يستويان . فالانتفاع بالطعام الغث شـذوذ لا يقاس عليه . ومثله في الشذوذ أولئك الذين ينظمون أو يكتبون ما يحسن أن يقرأه القارىء دون أن يرجعوا إلى أدب العصر أو آداب العصور . ومما لاسراء فيه أن الرجل الذي ينتفع بالطعام الغث يزداد انتفاعه بالطعام الجزل كلما وصل إليه ، وأن الرجل الذي ينظم أو يكتب بغير اطلاع يترقى في منازل الأدب كلما استوفى حظه من المطالعة والدرس والمراجعة . ع م - 6