صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/94

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

<<-11- فيأخذون المتجرون بالصور في جمع اللوحات التي يبيعها إياهم فقراء الفنانين بدريهمات معدودات ، ويحتفظون بها حتى يحين الأوان لإبرازها والمتاجرة بها ، فإذا بمجلة من المجلات التي يملكها أولئك التجار أو يستأجرونها قد نشرت فصلا مطولا عن «المدرسة الجديدة» المزعومة وتلتها مجلة أخرى تناقضها وتنحي عليها ، و إذا بالمدرسة الجديدة بعد هنيهة قد أصبحت في دوائر الفن أحدوثة الفضوليين والأصلاء ، ومحور الهجوم والدفاع ، ويحضر إلى باريس في هذه الآونة أناس من أصحاب الثروات الأمريكية أو أصحاب الألقاب الروسية العريقة ممن يصطنعون الوجاهة ويفاخرون باقتناء التحف النادرة ، ويودون أن يرجعوا إلى بلادهم وفى جعابهم أحدث ما يتحدث به أصحاب الأذواق وأدعياء التنظر في الثقافة والآداب الفنية ، فإذا بهم قد وقعوا في الفخ المنصوب واستبضعوا اللوحات والتماثيل من تلفيقات تلك المدرسة الجديدة بألوف الجنيهات ، وهي كلها لا تساوى مئات الدراهم عند بائعيها الماكرين . وهكذا تخرج إلى الدنيا « مدرسة جديدة » . وتبقى فيها مابقيت صالحة لتلك الصفقات الخادعة ، ثم تنطوى وتخلفها دواليك مدرسة أخرى على هذه الوتيرة ، ولا تعقب بعدها أثراً من الآثار الباقية في عالم البلاغة والجمال . وقد راجت الرمزية في الكتابة والشعر ، كما راجت في النحت والتصوير ، وشوهدت صور لبعض الناس لا يعرفها أصحابها، ولا يتفق اثنان من المصورين أنفسهم على عرفان ملامحها أو تفسير الغرض منها . وسئل واحد من هؤلاء المصور بن عما يعنيه بهذا الخلط الذريع ، فقال بلهجة هؤلاء الممخرقين التي هي مزيج من لغـة الدجالين والببغاوات : إن الكتاب الإنجليزي يقع في يد الرجل الذي لا يفهم الإنجليزية فلا يبصر فيـه إلا خليطا مشوشاً من الخطوط والنقاط . . . فهل يفهم من أنه كذلك ، وأنه لا يشتمل على معنى من المعاني التي يدركها الإنجليزي أو من يفقهون اللغة الإنجليزية ؟ ذلك وهذا كلام دجالين و ببغاوات لا يفهمون ما يقولون ، لأن الناس لا يختلفون