صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/99

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۹۱ - « ثالثا » أن نذكر ما هو « العلم » الذي يفوقنا به الغربيون ومن الواجب « قبل أن نعقد المقارنة بين العلوم والفنون . فالغربيون لا يفوقوننا بالعلم « المصنوع » أو علم الطيارات والسيارات والسفن والدبابات والمناسج والمنسوجات كلا لا يفوقنا الغربيون بهذا ، فإن الشرقي ليحذق صناعة الطيارة إذا رآها كما يحذقها الغربي الماهر في عمله ، ولعله يبذه و يسبقه في الوقت والبراعة . إنما يفوقنا الغربيون بالعلم الملحوظ لا بالعلم المصنوع : يفوقوننا بعلم الملاحظة والابتكار والاختراع ؛ يفوقوننا بالعلم الذي يحتاج إلى عين لا تفوتها الرؤية ، وبديهة لا يفوتها الإدراك ، وخيال لا يفوته تركيب الصغائر وضم الأجزاء إلى الأجزاء حتى يتألف منها المصنوع الجديد . وما هذا الذي يفوقوننا به غير ملكة الحس والتخيل التي يترجمها المصور تمثالا والموسيقى لحناً والشاعر قصيداً والمخترع صناعة حديثة ؟ ما هو غير أن نحس ما حولنـا ونقرن بين إحساس وإحساس حتى نستخرج منها جميعاً صورة كاملة في عالم العـلم أو في عالم الفن أو في عالم التجارة ؟ فليست المقارنة بين العلم والفن مقارنة طيارة تنفع في التجارة والحرب وتمثال لا ينفع لغير الزينـة ، بل هي مقارنة بين ملكة مستسط تنبط لا تتم بغيره الحياة ، وملكة مستنبط تتم بغيره الحياة ! و إذا فقدنا الفنون الجميلة فليس كل ما نفقده إذن هو تمثال الرخام الذي لا يصلح لغير الزينة ، بل نحن فاقدون جزءاً من حياتنا وجزءاً من العلاقة بيننا وبين الدنيا ، وعائشون عيشة الممسوخ الأبتر المحجوب عن جوانب دنياه . إن الرجل البصير يرى الحجر كما يرى الجوهرة ، ولكنه إذا عجز من رؤية الحجر وهو يتراءى لعينيه . Ule 4 أمامه فليس الحجر وحـده بالمفقود في نظره ، بل المفقود كل شيء ا