صفحة:-عبد المتعال الصعيدي- تاريخ الإصلاح في الأزهر-1943.pdf/230

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٢٢٤ -

من آثاره ، وتونس الجامدين من ظهور أمرهم ، فيسلموا بالهزيمة ، ويقلعوا عما يدبرونه من المؤامرات والفتن . نعم على من يدعى الاصلاح بعدهما أن يكون صريحاً فيه مثلهما ، وأن يترك دعوى أخذ الاصلاح بالحكمة والهدوء ، فإنما يفعل هذا من يؤثر الوظيفة ومغانمها على الاصلاح ومغارمه، ويؤثر السلامة في مداراة الرجعيين على الخطر في منابذتهم، ومثل هذا التردد لايتم به إصلاح ، ولا بقضى به على الجمود، وإنما هى الثورة ، ولا شيء غير الثورة . ولا يقتصر أمر الانحراف فى دعوة الاصلاح الآن على هذا التردد ، بل يتجاوزه إلى صميم الدعوة الاصلاحية ، فقد كانت عامة شاملة ا على عهد جمال الدين الأفغانى والشيخ محمد عبده ، أما الآن فقد تفرق دعاة الاصلاح فيما يدعون إليه ، وصار لكل واحد منهم غاية من الاصلاح يتجه إليها وحدها ، ويرى أنها هى الاصلاح لاغيرها ، وقد يحمله التعصب لها أن يعادي من يدعو إلى غيرها من وجوه الاصلاح ، وتقوم بهذا حرب بين أولئك المصلحين ، وقد تكون أشد مما تقوم بينهم وبين الجامدين . وقد نشأ هذا من فقد المصلح الثائر الذي يجمع الاصلاح كله في ثورته ، ويضم أنصاره كلهم تحت لوائه ، فلا يسمع لغيره كلمة في الاصلاح ، وإنما تكون هناك زعامة واحدة لذلك المصلح الثائر ، تنظم الصفوف وراءه ، وتجمع الكلمة حوله ، كالذى كان فى عهد جمال الدين الأفغاني ، وفى عهد الشيخ محمد عبده . أما الآن فكل واحد من دعاة الإصلاح يدعى أنه هو رجل الاصلاح لا غيره، لأن الاصلاح صار مطلباً سهلا ، لا تعب فيه ولا جهاد ، ولا تضحية فيه ولا حرمان، وإنما هو تسبيح بمجد الاسلام ، والاسلام لا يريد منا هذا التسبيح بمجده، وإنما يريد أن نخلصه من ذلك الجمود الذي وقع فيه .