- ٣٤ -
والإنشاء ، ويستطيعوا أن ينهضوا بالأمة بالكتابة في الجرائد وغيرها ،
فأيقظ النفوس من غفلتها ، وفتح عيون الطلاب في الأزهر لضعف التعليم
فيه ، حتى ألفوا من بينهم جماعة تسعى فى إصلاحه، وكان أول ما عملوه
كتابة منشور علقوه على أعمدة الأزهر فى سواد الليل ، وبينوا فيه مواضع
الخلل في التعليم بالأزهر ، وشرحوا الوسائل التي تؤدى إلى إصلاحه
فبدأ جمال الدين بدروسه فى الإصلاح الجهاد في إصلاح الأزهر ، و أوجد من أبنائه وغيرهم من يعمل فيه بكل ما يمكنه من الوسائل التي توصل اليه ، فلا يكتفى بنجوى يناجي بها نفسه كما فعل الشيخ حسن العطار ، ولا يكتفى بمحاولة هادئة فى الإقناع كما فعل رفاعة بك ، وإنما هو جهاد متواصل في سبيل الإصلاح، وثورة دائمة على الجمود .
وقد مكث جمال الدين فى مصر يجاهد في سبيل الإصلاح إلى أن عزل إسماعيل باشا من الحكم سنة ١٢٩٦ هـ ، وكان هذا بتأثير الطامعين في الاستيلاء عليها من الإنجليز وغيرهم ، فقام بعده ابنه توفيق باشا، وبدأ حكمه بنفي جمال الدين من مصر
وضع امتحان الشهادة العالمية في الأزهر : وهكذا مضى عهد إسماعيل باشا كما مضى عهد محمد على باشا ، فلم يحاولا أن يحدثا شيئاً يذكر فى نظام التعليم بالأزهر ، اللهم إلا شيئاً قليلا حصل في عهد إسماعيل باشا ، فقد تولى في عهده الشيخ مصطفى العروسي منصب شيخ الأزهر ، وكان ذلك سنة ۱۲۸۱ هـ فعمل على أخذ الأزهريين بشيء من الحزم ، فخافه شيوخ الأزهر وطلابه ، وأقبلوا على الاشتغال بدروسهم ، وقد اهتم بإبطال بدع دينية كثيرة ، كطلب الصدقة بقراءة القرآن في الشوارع، وما إلى هذا من البدع الدينية ، ثم رأى أن كثيراً ممن يجلس للتدريس في الأزهر لا يصلح له ، فمنعهم من الاشتغال به ، وعزم على أن يضع امتحاناً لمن يريد الاشتغال بالتدريس فى الأزهر، ولكنه عزل من منصبه سنة ۱۲۸۷ هـ ، فلم يتمكن من تنفيذ عزمه.