عاليه) . فساق إليه جميع شبان العرب ورجالاتهم الذين اشتغلوا قليلاً أو كثيراً للقضية العربية. فحوكم هؤلاء محاكمات مختلفة: بعضها حقيقي والبعض الآخر صوري. وكان أعضاء هذا الديوان (أو الحكمة) يلتقون الوحي من الطاغية جمال الذي لقب عن جدارة واستحقاق بالسفاح. وقد ادانوا عدداً كبيراً من رجال العرب الأحرار فقضوا عليهم بالإعدام. ونفذ فيهم الحكم شنقًا لا لذنب اقترفوه سوى حبهم لوطنهم. وقد شنق بعض هؤلاء في بيروت، وبعضهم في دمشق، والبعض الآخر في القدس. وكان بين الذين شنقوا إثنان من غزة هما: المرحوم أحمد عارف الحسيني، وولده مصطفى. وكاد اثنان آخران من أبناء غزة يلحقان برفيقيهما المشنوقين، لو لا أعجوبة حدثت فأنقذتهما. فأطلق سراحهما، وهما: رشدي الشوا، وعاصم بسيسو. إذ كان المرحوم الحاج سعيد أفندري الشوا، والد الأول وقريب الثاني، مقرباً من جمال باشا لما أسداه (١) من خدمات كثيرة للجيش التركي أثناء تراجعه عن القناة. ولم يكتف جمال باشا بعدد الذين شنقهم أو سجنهم من أحرار السوريين والفلسطينيين والعراقيين. فقد أمر بنفي عدد آخر منهم ونفاهم بالفعل (١٩١٦ م) رجالاً ونساء وأطفالاً إلى أنحاء مختلفة من من بر الأناضول. وكان بين هؤلاء المنفيين عدد غير قليل من الغزيين نذكر منهم السادة: سعيد الحسيني، ورشيد ابو خضرة ، والحاج سعيد أبو رمضان، ومحمد ابو رمضان، وأحمد حلاوة، وحسني خيال . فقد نفي الأول إلى آ ق مرع، والثاني إلى قونية، والثالث والرابع إلى سبارطة ، والخامس والسادس إلى قونية (٢).
٣٩ - بيد أن هذه التدابير التي أخذها جمال باشا ما كانت لتلين من قناة العرب، بل زادتهم كرهاً للحكم التركي، وميلاً لاستقلال بلادهم. إذ ما كاد الشريف حسين شريف مكة يضرم نار الثورة العربية في الحجاز، ويعلن استقلال البلاد العربية حتى
(١) (الثورة العربية الكبرى) لأمين سعيد (٢) رجع هؤلاء المنفيون من المنفى عام ١٩١٨ فذكروا أن الأتراك عاملوهم في منفاهم معاملة حسنة فقدموا لهم منازل مجانية، وانقذوا كل واحد منهم راتباً قدره عشرون قرشاً تركياً في اليوم.