-٢٨٦-
٣٠ -- وما دمنا قد انتهينا من بحث آبار غزة ومياهها نرى لزاماً علينا أن
نقول كلمة في زراعتها . وهذه تتلخص في ان تربة غزة صالحة لجميع انواع الزراعة .
وهي معروفة بخصبها منذ العهود الغابرة. والأكثرية الساحقة في غزة تنتمي إلى طبقة
الفلاحين والمزارعين . وهم مجتهدون ، لا يكلون أمر الأرض وفلاحتها إلى غيرهم .
يزرعونها بأيديهم ويعتمدون في ذلك على سواعدهم المفتولة .
وأما الأفندية وأصحاب الاراضي الواسعة فإنهم يؤجرون اراضيهم إلى الفلاحين
بشروط مختلفة أهمها - وهو السائد في هذه البلاد - أن الملاك يأخذ اربعين في
من الناتج والزارع يأخذ الستين .
ولقد عرفوا الحراث العميق منذ عام ۱۹۱۱ (۱) ، وبهرهم الخصب الذي حل
بالزرع على أثر ذلك فأعادوا السكرة في العام الذي تلاه ، وفيما بعدهما ، وظلوا كذلك
حتى يومنا هذا . وقد حذت سائر القرى حذو غزة ، حتى كاد الاعتقاد .
لن يبق شبر واحد من الأرض دون أن يحرث بالآلات الحديثة بمجرد انتهاء الحرب
الحاضرة ، وان المحراث البلدي القديم سيختفي من . هذه البلاد بالمرة .
وقد ارتفعت، على أثر ذلك ، اسعار الأراضي ارتفاعاً هائلاً . فان الدونم الواحد
من الأرض بعد ان كان يباع بمجيدي واحد فيما مضى أو جنيه واحد خلال الاعوام
الاولى من الاحتلال أصبح في يومنا هذا ( ١٩٤٣ ) يباع بعشرة جنيهات، هذا إذا
كان في اطراف المدينة وكان لا ينفع إلا لزراعة الحبوب . وأما كروم الزيتون
فيباع دونمها بخمسة وثلاثين جنيهاً . وأما الأرض المعدة للبناء فان تمنها يختلف
بالنسبة لاختلاف موقعها : فينا يكون بالامكان شراء الدونم الواحد من الأرض
دة للبناء في اطراف المدينة بمئة جنيه ، تجد من العسير الحصول على مثل ذلك على
طريق البحر بأقل من ثلاثمئة جنيه . وأما على شارع ( عمر المختار ) فلا يتيسر لك
الدونم الواحد بأقل من ثلاثة آلاف جنيه .
المعدة
.
ويزرع في غزة في يومنا هذا من الحبوب : القمح ، والشعير، والذرة، والسمسم،
والفول ، والعدس ، والكرسنة ، والجلبانة ، والحمص ، والترمس ، والحلبة ، والبسلة،
(1) أن أول من استعمل المحراث الحديث ( تراكتور ) هم السادة : الحاج سعيد الشوا ، وخليل بسيسو ، وموسى البورنو ، وأحمد حلاوة . فرثوا ألفاً وخمسمائة دونم من اراضيهم باجرة بلغت خمسة وسبعين قرشاً تركياً للدونم الواحد .