صفحة:Gaza History Aref el Aref 1943.pdf/55

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٥٤ -

كتفه . وعلى قول إنه أصابه سهم في صدره ، فاخترق الدرع وجرحه جرحاً بليغاً . فتألم ألماً شديداً. ولذلك عندما حمل عليها حملته الاخيرة وافتتحها، فتك فيها وفي سكانها فتكاً ذريعاً ، وباعهم بالسوق بيع العبيد. وأما باتس فقد لاقى منه ومن تعذيبم الأهوال ، مع أن الاسكندر كان قبل حصار غزة معجباً به ، وبإخلاصه لمولاه ويظهر أن السنتين اللتين قضاها ، والأهوال التي لاقاها ، في الحروب جعلت قلبه كأنه من صخر ، فقال له عندما رآه لأول مرة بلهجة القائد المنتصر « إنك لن تموت الميتة التي ترغب فيها . بل ستعذب على أشنع وجه يعرفه الانتقام ، وستذوق الألم الشديد » . ولكن باتس لم يعبأ بهذا الوعيد ، كما أنه لم ينبس ببنت شفة . بل أخذ ينظر إليه نظرات تدل على الشجاعة والانفة ورباطة الجأش . فأمر الاسكندر قواده بأن يثقبوا قدميه ، ففعلوا . ثم ادخلوا في الثقبين حبلا ربطوه بعربة ، وأخذوا ، يجرونه من شارع إلى شارع ، ويطوفون به أحياء المدينة حتى فاضت روحه .

٤ - كانت غزة يومئذ أعظم مدينة في سوريا على الاطلاق (۱) وقد وصفها مؤرخو اليونان ) بالمدينة العظيمة ) . وإن عظمتها هذه ترجع إلى الطيب واللبان من جهة، ووقوعها على طرق التجارة والمواصلات من جهة اخرى . أي إن غزة كانت في ذلك الحين مدينة ذات أهمية من جهات عديدة : زراعية ، وتجارية ، وحربية . ولما فتحها الاسكندر وجد في دورها ومخازنها كميات هائلة من الذخائر والمؤن ؛ ووجد فيها أيضاً كنوزاً عظيمة ، وحلى ومجوهرات لا تقدر بثمن؛ ووجد فيها كميات كبيرة من الطيب ، واللبان ، والمرو ، والبخور وما إلى ذلك من المواد الغالية الثمن . فضمها كلها . وأرسل قسماً كبيراً من غنائمه هدية إلى أصدقائه الكثيرين ، ومنهم اولمبياس ، وكليو بترا ، وإلى استاذه ومهذبه ليونيداس الذي كان ، قبل فتح غزة ، يؤمنبه كلما رآه يسرف في استعمال الطيب والبخور . ولما تلقى هديته الثمينة أرسل إليه كتاباً يشكره فيه شكراً جزيلا ، وينصحه في نفس الوقت أن يبذل كما في وسعه ليظل مسيطراً على بلاد خصبة ذات نتاج قيم كاللبان الذي أرسله له.



(١)"The Hand-Book of Palestine by Keith-Roch & Looke"