صمت لله صوم خرق همام
صُمْتَ لله صَوْمَ خِرْقٍ هُمامٍ
صُمْتَ لله صَوْمَ خِرْقٍ هُمامٍ
مُفْطِرِ الكفّ بالعطايا الجسامِ
أطلعَ الله للصيام هلالاً
ولنا من علاكَ بدرَ تمامِ
وشفاكَ الإلهُ من كلِ داءٍ
صحّ منه الجلالُ بعد السقام
كان يومَ السرور منك ركوبٌ
أرحلَ الهمّ عن قلوب الأنامِ
إذ شكا من شَكاتِكَ الناسُ والبا
سُ وطعنُ القنا وضرب الحسام
ثم ضجّوا لما رَأوكَ صحيحاً
والعُلى منك ثَغْرُهُ ذو ابتسام
مرضٌ منك قبّلَ الكفّ شوقاً
ثمّ ولّى بخجلةٍ واحتشام
حجبَ الغيمُ منه في الأفق بدراً
وانجلى عنه ضيائه بسلام
واقتضى الشهرُ من معاليك صنعاً
معْلياً منه همّةً باهتمام:
قَطْعُ ضوءِ النهار صوماً وبرّا
ودجى الليل بالسُّرى والقيامِ
وسجودٌ من نور وجهكَ طوعاً
ما أطالَ السجودَ وجهُ الظلام
وخشوعٌ يعلوه منك وقارٌ
مُعْرِبٌ عن رَجَاحةٍ من شَمام
طابَ بينَ الملوك ذكرُكَ كالمسْـ
ـكِ إذ فُضّ عنه طيبُ الختام
فهو ما بينهمْ به سَمَرُ الليْـ
ـل وشَدْوٌ على كؤوس المدام
فلك الله من كريم السجايا
معرِقِ المجدِ في الملوكِ الكرام
ذِمرُ حربٍ، له اقتحامُ هزبرٍ،
وجوادٌ، له يمينُ غَمَام
بائنٌ الخطتين، نخشى ونرجو
رَيْثَ غَفْرٍ له، وبطشَ انتقام
قام الله ذو انتصارٍ لدينٍ
رامت الروم منه كلّ مرام
ورمى ثغرةَ العدوّ بسهمٍ
وثنى سَهْمَهُ عن الإسلام
باعتزامٍ ككوكبِ الجوّ يرْمي
منهمُ كلَّ مارِدٍ بضرام
وَبِحَرْبِيةٍ لها نِفْطُ حَرْبٍ
يحرقُ الماءَ تارةً باضطرامِ
ترتمي في مُلوَنَّاتِ لُبُودٍ
كرياضٍ نَوّرْنَ فوق إكام
فهي تجلو عرائسَ الموت سودا
هوّلَتْ في عباب أخضرَ طامِ
يا لها من جحافلٍ زاحفاتٍ
بضواري الأسود في الآجام
وذبالٍ على القنا مُشعَلاتٍ
مطفئات الأرواح في الأجسام
وندى فاضَ من بنانِ كريمٍ
غيرِ مُصغٍ في بذلهِ للملامِ
ليس يُفني بيوتَ مال عليّ
طولُ إنفاقها بكرّ الدوام
كيف يُفني الشموس ما اقتبستهُ
من سنا نورها عيونُ الأنام
مَلكٌ قد علا مصامَ الثريّا
ليس فوق الثرى لهُ من مُسام
من ملوكٍ لهم سحائبُ أيدٍ
بالندى والردى هوامٍ دوامِ
إن دعاهُمْ مُثَوِّبُ المَوْتِ خاضوا
في حشا الحرب بالخميس اللهام
أو رماهمْ إقدامُهُمْ بكلومٍ
قَطَرَتْ منهم على الأقدام
وإذا جَرّدوا السيوفَ لِضَرْبٍ
وَلَغَتْ في الدماء، لا من أُوام
لَبِسَ البشرُ منهمُ قَسماتٍ
مائعٌ فوقهنّ ماءُ القَسَام
يا ابن يحيى الذي أبى عزُّهُ أنْ
يقعدَ العزمُ عنده عَنْ قيامِ
أنا أُثْني عليك جَهْدي وعند اللـ
ـهِ يُثني عليك شَهْرُ الصيام
لي إلى الغيثِ من نداك انتجاعٌ
في خضمّ آذيُّةُ في التطام
تحسبُ الريحَ جنةً تعتريه
فهو كالقَرْمِ شِدْقُهُ ذو لغام
في حشا رادة كأمَّ رئالٍ
ما لها في نفارها من مُقام
بنتُ بَرٍّ في البحر تركبُ منها
كلكلاً يا لموجه من سنام
ذاتُ وصلٍ تجرّها جرّ ذيلٍ
وهي تقتادُنا كوحي زمام
تتقي من جنوبها وقع سوط
فهي كالسهم طارَ عن قوس رامِ
وحديثُ السّماع عنك عريضٌ
ضاقَ عن بعضه فسيحُ الكلام
لو لمست الجهامَ بالكفّ أضحى
عند ريّ العطاشِ غيرَ جهامِ
أو منحتَ الكهام منك مضاءً
فَلقَ الهامَ وهو غيرُ كهام
أو جعلتَ الحِمامَ قِرْنَكَ في الحر
بِ لجرّعتهُ مذاقَ الحِمامِ
فابقَ في خُطّةِ العُلى ما تغنى
في غُصونِ الأراكِ وُرْقُ الحَمام