صيانة صحيح مسلم/أحاديث النهي عن الاستمطار بالأنواء
أحاديث النهي عن الاستمطار بالأنواء
أما متونها فقوله صلاة الصبح بالحديبية والحديبية الأثبت فيها تخفيف الياء الأخيرة منها
روينا عن عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال حدثنا أبي قال حدثنا عمرو ابن سواد السرحي قال اختلف ابن وهب والشافعي في الحديبية فقال ابن وهب الحديبية بالتثقيل وقال الشافعي بالتخفيف قال أبي بالتخفيف أشبه
وروينا عن أبي سليمان الخطابي أن أصحاب الحديث يثقلونها وهي خفيفة
وقال القاضي الحافظ أبو الفضل اليحصبي بتخفيف الياء وضبطناها على المتقنين وعامة الفقهاء والمحدثين يشددونها قال وحكى إسماعيل القاضي عن ابن المديني أنه قال أهل المدينة يشددونها وأهل العراق يخففونها والله أعلم
قوله في إثر سماء كانت من الليل سبق غير بعيد أنه يقال فيه أثر بفتح الهمزة والثاء معا وبكسر الهمزة مع إسكان الثاء ووقع في الأصل المأخوذ عن الجلودي السمآء بالألف واللام وكذلك هو في أصل الحافظ أبي القاسم العساكري مضببا عليه وهو جائز على أن يكون قوله كانت مستأنفا لا صفة وهو في أصل الحافظ أبي حازم العبدوي وأصل أبي عامر العبدري بخطيهما سمآء منكرا وهو الأولى
والسماء هاهنا المطر وكل ما علاك وأظلك فهو سمآء والسمآء المعروفة من المعروف أنها مؤنثة وقد تذكر وأما تأنيث السماء بمعنى المطر كما جاء في هذا الحديث ففي كتاب أبي حنيفة الدينوري في الأنواء إنه يقال للمطر سماء ألا ترى أنهم يقولون أصابتنا سمآء غزيرة
وفي كتاب التهذيب للأزهري السماء المطر والسماء أيضا اسم المطرة الجديدة يقال أصابتهم سماء وهذا يشعر بتخصيص التأنيث بهذه المطرة والله أعلم
قول الله تبارك وتعالى وتقدس فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب
والنوء في أصله ليس نفس الكوكب فإنه مصدر ناء النجم ينوء نوءا أي سقط وغاب وقيل أي نهض وطلع
وبيان ذلك أن ثمانية وعشرين نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته فكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منهما
وقال الأصمعي إلى الطالع منهما قال أبو عبيد ولم أسمع أن النوء السقوط إلا في هذا الموضع
ثم إن النجم نفسه قد يسمى نوءا تسمية للفاعل بالمصدر قال أبو إسحاق الزجاج في بعض أماليه الساقطة في المغرب هي الأنواء والطالعة في المشرق هي البوارح
إذا وضح هذا ففي كفر من قال مطرنا بنوء كذا وكذا وجهان أحدهما أنه كفر بالله تعالى سالب للإيمان وهذا ظاهر لفظ الحديث المذكور وإنما ذلك فيمن قال ذلك معتقدا أن الكوكب مدبرا منشىء للمطر كما كان بعض أهل الجاهلية يعتقده وإلى هذا الوجه ذهب أكثر العلماء أو كثير منهم والشافعي رضي الله عنه منهم
وعلى هذا من قال مطرنا بنوء كذا معتقدا أنه من الله تعالى وبرحمته وأن النوء إنما هو ميقات له وإمارة نظرا إلى التجربة والعادة ففي كراهة ذلك منه خلاف وما أحسن قول أبي هريرة رضي الله عنه الذي رويناه عن مالك في موطئه أنه بلغه أن أبا هريرة كان إذا أصبح وقد مطر الناس يقول مطرنا بنوء الفتح ثم يتلو هذه الآية ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها
الوجه الثاني إن ذلك كفر بنعمة الله تعالى لا كفر به وذلك لاقتصاره على إضافة الغيث إلى الكوكب ويدل على هذا لفظ حديث أبي هريرة المذكور في الكتاب ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين الحديث
وما بعده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر الحديث والله أعلم
ثم إن قوله من نعمة فيه تقصير من الراوي من حيث اللفظ والمراد به خصوص نعمة الغيث بدلالة الرواية الأخرى المذكورة بعده
وقوله يقولون الكوكب وبالكوكب قد روينا الثاني دون الأول بصيغة الجمع وكلاهما في الأصل الذي بخط الحافظ أبي عامر العبدري من بين أصولنا بصيغة الواحد والله أعلم
قول ابن عباس رضي الله عنهما فنزلت هذه الآية فلا أقسم بمواقع النجوم حتى بلغ وتجعلون رزقكم إنكم تكذبون فيه إشكال يزول بالتنبيه على أنه ليس مراده أن جميع هذا نزل في قولهم في الأنواء كما توهمه القاضي عياض على ما بلغنا عنه فإن الأمر في معنى ذلك وتفسيره يأبى ذلك وإنما النازل من ذلك في ذلك قوله وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون والباقي نزل في غير ذلك ولكن اجتمعا في وقت النزول فذكر الجمع من أجل ذلك ومما يدل على هذا أن في بعض الروايات عن ابن عباس في ذلك الاقتصار على هذا القدر فحسب ثم إن معنى قوله سبحانه وتجعلون رزقكم عند طائفة من المفسرين وتجعلون شكركم تكذيبكم بأن الرازق هو الله تعالى أي تجعلون التكذيب عوض الشكر وتكذيبهم هو قولهم مطرنا بنوء كذا وكذا
روى ابن جرير بإسناده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه رفعه قال وتجعلون رزقكم قال شكركم أنكم تكذبون قال يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا أخرجه الترمذي بلفظ هذا أدل منه على ما ذكرناه وقال هذا حديث حسن غريب
وحكى ابن جرير عن الهيثم بن عدي إن من لغة أزد شنوءة ما رزق فلان بمعنى ما شكر
وقال آخرون منهم الأزهري معناه وتجعلون شكر رزقكم فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه والله أعلم
وأما أسانيدها فإن الحديث الأول منها أدخل بعضهم في إسناده الزهري بين صالح بن كيسان وبين عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وهو كذلك في نسخة أبي العلاء بن ماهان بكتاب مسلم وكأن قائل ذلك اغتر بكثرة رواية صالح بن كيسان عن الزهري فاستبعد روايته عن شيخ الزهري عبيد الله
وذلك غلط فإن صالح بن كيسان قد روى هذا الحديث عن عبيد الله نفسه من غير واسطة وصالح أسن من الزهري وقد ذكر يحيى بن معين أنه سمع من عبدالله بن عمر ورأى ابن الزبير والله أعلم
عمرو بن سواد العامري شيخ مسلم وتفرد به، هو ابن سواد بدال في آخره والواو منه مشددة قطع به عبد الغني بن سعيد المصري بلديه وأبو نصر بن ماكولا وغيرهما
ومايز الخطيب أبو بكر بينه وبين أبي جد اليسر كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد الصحابي الأنصاري الخزرجي البدري آخر أهل بدر وفاة فذلك بتخفيف الواو وهذا بتشديدها والله أعلم
أبو زميل عن ابن عباس هو بضم الزاي المنقوطة وبياء ساكنة واسمه سماك بكسر السين ابن الوليد الحنفي اليمامي روى له مسلم دون البخاري وقد قال ابن عبد البر أجمعوا على أنه ثقة والله أعلم
حديث أنس في حب الأنصار الراوي له عنه عبد الله بن عبد الله بن جبر بتكبير عبد في اسمه واسم أبيه وجده جبر بالجيم والباء الموحدة والله أعلم
البراء بن عازب بتخفيف الراء والمعروف فيه المد حفظت فيه عن بعض أهل اللغة القصر والمد والله أعلم
زر هو بكسر الزاي وتشديد الراء وهو ابن حبيش عن علي رضي الله عنه والذي فلق الحبة وبرأ النسمة
فقوله فلق الحبة أي شقها بالنبات
وبرأ بالهمز أي خلق
والنسمة هي الإنسان وحكى الأزهري عن بعضهم أن النسمة هي النفس وإن كل دابة في جوفها روح فهي نسمة والله أعلم
قوله فقالت امرأة منهن جزلة وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار
فقوله جزلة أي ذات عقل ورأي
قال ابن دريد الجزالة الوقار والعقل
وقوله ﷺ تكثرن اللعن وتكفرن العشير فالعشير في الأصل المعاشر وهو ها هنا الزوج وهذا قاض بأن نفس إكثار اللعن ونفس كفرهن إحسان الأزواج من الكبائر
أما اللعن فمن أعظم الجنايات القولية وقد ثبت عنه ﷺ أن لعن المؤمن كقتله
وأما كفرانهن إحسان الزوج فقد كان يمكن أن يقال ليس هو نفسه السبب في ذلك بل ما يصطحبه من معصية الزوج ونحو ذلك لولا تفسيره ﷺ ذلك في الحديث الآخر بقوله لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط
وقوله فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل أي هذا أمارة نقصان العقل أو أثره
ثم إن ما في هذا الحديث من الذكر نقصان الدين الدال على إثبات نقصان الإيمان وزيادته وما فيه من استعمال لفظ الكفر لا في الكفر السالب للإيمان هو السبب في إيراده في كتاب الإيمان والله اعلم
ثم إن في المقبري المذكور في إسناد حديث إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن المقبري عن أبي هريرة كلاما ونظرا فذكر الحافظ أبو علي الغساني الجياني عن أبي مسعود الدمشقي أنه أبو سعيد المقبري والد سعيد قال أبو علي وهذا إنما هو في رواية إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو
وقال أبو الحسن الدارقطني وقول سليمان بن بلال أصح
قلت رواه أبو نعيم الأصبهاني الحافظ في مخرجه على كتاب مسلم من وجوه مرضية عن إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري هكذا مبينا
لكن رويناه في مسند أبي عوانة المخرج على صحيح مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سعيد ومن طريق سليمان بن بلال عن سعيد كما سبق عن الدارقطني فالاعتماد عليه إذا والله أعلم
حديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله وفي رواية يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار
فقوله قرأ السجدة أي آية السجدة
وقوله يا ويلي يجوز من حيث اللغة بكسر اللام وفتحها على ما عرف في نظائره ومن احتج بهذا الحديث على وجوب سجود التلاوة لما فيه من التشبيه بسجوده لآدم وقد كان واجبا فمن جوابه إن التشبيه وقع في مطلق السجود لا في خصوص سجود التلاوة وتارك سجود التلاوة غير تارك مطلق السجود ولذلك لم يستوجب تاركها ما استوجبه إبليس لعنه الله بترك السجود من النار وغيرها والله أعلم
وإيراد هذا وحديث تارك الصلاة بعده في كتاب الإيمان لبيان أن من الأفعال ما تركه يوجب حقيقة الكفر أو اسم الكفر والله أعلم
ما ذكره من حديث جابر أن رسول الله ﷺ قال بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة كذا وقع في كتاب مسلم بالواو العاطفة للكفر على الشرك على ما شهدت به أصولنا
وهو في مخرج أبي نعيم الحافظ على كتاب مسلم بحرف أو وكذا رويناه من مخرج أبي عوانة الإسفراييني عليه وبين الشرك والكفر فرق ما بين الأخص والأعم فكل شرك كفر وليس كل كفر شركا من حيث الحقيقة
والصحيح ومذهب الأكثرين إن ترك الصلاة لا يوجب حقيقة ذلك بل اسم الكفر فحسب بالمعنى الذي سبق قريبا بيان وجهه ومنها أن المراد بين الرجل وبين مشابهة أهل الشرك ترك الصلاة وذاك أن ترك الصلاة شأن أهل الكفر وهو من أخص معاصيهم التي وقع بها التمايز بينهم وبين المسلمين وعلى هذا تقرب رواية من رواه بحرف الواو والله أعلم
وروى مسلم حديث أبي هريرة سئل رسول الله ﷺ أي الأعمال أفضل قال إيمان الله قيل ثم ماذا قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا قال حج مبرور وفي رواية قال إيمان بالله ورسوله
ثم حديث أبي ذر قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الإيمان بالله والجهاد في سبيله الحديث
ثم حديث عبد الله بن مسعود سألت رسول الله ﷺ أي العمل أفضل قال الصلاة لوقتها قال قلت ثم أي قال بر الوالدين قال ثم قال الجهاد في سبيل الله الحديث وفي رواية قال قلت يا نبي الله أي الأعمال أقرب إلى الجنة قال الصلاة على مواقيتها قلت وماذا يا نبي الله قال بر الوالدين قلت وماذا يا نبي الله قال الجهاد في سبيل الله
وفي رواية أخرى عن ابن مسعود عن النبي ﷺ أنه قال أفضل الأعمال أو العمل الصلاة لوقتها وبر الوالدين
القول في المشكل من متون هذه الأحاديث قوله إيمان بالله فيه جعل للإيمان من جملة الأعمال والمراد به والله أعلم
التصديق الذي هو من عمل القلب أو النطق بالشهادتين الذي هو من عمل اللسان وليس المراد به مطلق عمل الجوارح الصالحة وإن درجت تحت اسم الإيمان لما سبق من الأحاديث ولغيرها بدلالة قوله في الرواية الثانية إيمان بالله ورسوله فإن الإيمان معدى بحرف الياء لا سيما مع ذكر الرسول ظاهر في التصديق أو القول المعبر عنه وبدلالة أنه جعله قسيما للجهاد والحج مع كونهما من أخص تلك الأعمال ثم إن من المعضلات أنه في حديث أبي هريرة جعل الأفضل الإيمان ثم الجهاد ثم الحج
وفي حديث ابن مسعود جعل الأفضل الصلاة ثم بر الوالدين ثم الجهاد وما سبق من حديث أبي موسى الأشعري أي الإسلام أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده يوجب أن هذه السلامة هي الأفضل وحديث عثمان رضي الله عنه وعنهم خيركم من تعلم القرآن وعلمه يوجب أن هذا هو الأفضل في أشباه لهذا غير قليلة وقد لبثت دهرا لا يتضح لي فيه ما ارتضيه حتى وجدت صاحب المنهاج أبا عبد الله الحليمي وكان علامة وإماما لا يشق غباره قد حكى في ذلك عن شيخه الإمام العلامة أبي بكر القفال الشاشي وذكر أنه كان أعلم من لقيه من علماء عصره كلاما شافيا وقد اختصرته لاستشهاده فيه ببعض ما لا يسلم له ولخصته فتلخص منه وجهان أحدهما أن ذلك اختلاف جرى على حسب اختلاف الأحوال إذ قد يقال خير الأشياء كذا ولا يراد تفضيله في نفسه على جميع الأشياء بل يراد أنه خيرها في حال دون حال ولواحد دون آخر فقد يتضرر إنسان بكلام في غير موضعه فنقول ما شيء أفضل من السكوت ثم قد يتضرر بالسكوت في غير موضعه فنقول لا شيء أفضل من التكلم بحق ومما تبدلت فيه الأفضلية بتبدل الحال الصوم يوم عرفة فهو أفضل لغير الحاج والفطر فيه أفضل للحاج واستشهد في ذلك بأخبار منها عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال حجة لمن لم يحج أفضل من أربعين غزوة وغزوة لمن حج أفضل من أربعين حجة
الوجه الثاني أنه يجوز أن يقال أفضل الأعمال كذا والمراد من أفضل الأعمال كذا وخيركم من فعل كذا والمراد من خيركم كما يقال فلان أعقل الناس وأفضلهم ويراد أنه من أعقلهم وأفضلهم ومن ذلك ما روي عن رسول الله ﷺ أنه قال خيركم خيركم لأهله ومن المعلوم أنه لا يصير خير الناس مطلقا ومن ذلك قولهم أزهد الناس في العالم جيرانه مع أنه قد يوجد في غيرهم من هو أزهد منهم فيه
قلت وعلى هذا نقول في هذه الخصال المذكورة في هذه الأحاديث أما الإيمان منها فمعلوم بغير ذلك أنه الأفضل مطلقا فإنه الأصل
وأما الباقيات من الجهاد والصلاة والحج وبر الوالدين وغيرها فنقول كل واحد منها إنه أفضل الأعمال فحسب وهي متساوية في هذا الوصف ولهذا جاء منها بحرف الواو في بعض الروايات المذكورة ما جاء في غيرها بحرف ثم ولا يثبت بحرف ثم في ذلك تفضيل بعضها على بعض بل يكون ما تقتضيه ثم من الترتيب والتأخير مصروفا إلى الترتيب والتأخير في الذكر كما في قوله تبارك وتعالى فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا
وليس المراد به تأخير الإيمان عن الإطعام وأنشدوا في ذلك
قل لمن ساد ثم ساد أبوه... ثم قد ساد قبل ذلك جده
وإنما تأخرت سيادة أبيه وسيادة جده في الذكر والله أعلم ولذلك شواهد غير ما ذكرناه والله أعلم
قوله حج مبرور قيل هو الذي لا يخالطه مأثم وقيل هو المقبول ثم من علامات القبول أن يزداد بعده خيرا والله أعلم
قوله تعين صانعا أو تصنع لأخرق الأخرق ها هنا هو الذي لا يحسن العمل والأخرق أيضا الذي لا رفق ولا سياسة له في أمره
والمعنى إذا رأيت من يحاول عملا فإن كان يحسنه فأعنه عليه وإن لم يحسنه فاعمله له
وقوله هذا تعين صانعا وقع في رواية هشام بن عروة المذكور في روايتنا من أصل الحافظ أبي القاسم الدمشقي برواية الفراوي وفي الأصل الذي بخط الحافظ أبي عامر برواية أبي الفتح السمرقندي صانعا بالصاد المهملة وبالنون وهو الصحيح في نفس الأمر ولكنه ليس رواية هشام بن عروة فإن هشاما إنما رواه بالضاد المعجمة من الضياع وهكذا جاء مقيدا بالمعجمة من غير هذا الوجه في كتاب مسلم في رواية هشام وأما الرواية الأخرى عن الزهري فتعين الصانع فهي بالصاد المهملة والنون وهي محفوظة عن الزهري كذلك وقد روي عنه أنه كان يقول صحف هشام وكذلك نسب الدارقطني وغيره هشاما إلى التصحيف فيه
وقد ذكر القاضي أبو الفضل عياض أنه بالضاد المعجمة في رواية الزهري لرواة كتاب مسلم إلا رواية أبي الفتح السمرقندي
وليس الأمر على ما حكاه في روايات أصولنا بكتاب مسلم ومنها أصل الحافظ أبي حازم العبدوي وأصل مأخوذ عن الجلودي فما قيد فيها في رواية الزهري إلا بالصاد المهملة على ما هو الصواب والله أعلم
قوله فما تركت أستزيده إلا إرعاء عليه كذا وقع من غير صرف أن وهو جائز
قوله إرعاء عليه بهمزة في أوله مكسورة وبالمد في آخره أي ابقاءا عليه كي لا أكثر عليه فأحرجه والله أعلم
القول في أسانيدها أبو مراوح الليثي هو بضم الميم وكسر الواو وبحاء مهملة ونسبه غير واحد من المصنفين الغفاري وقال فيه الحافظ أبو علي الغساني الغفاري ثم الليثي
قلت وهو في بعض رواياتنا لهذا الحديث بعينه الليثي وفي بعضها الغفاري وقد أبان أبو علي على أنهما لشخص واحد
قال ابن عبد البر أجمعوا على أنه ثقة وليس يوقف له على اسم واسمه كنيته والله أعلم
قال إلا أن مسلم بن الحجاج ذكره في الطبقات فقال اسمه سعد وذكره في الكنى ولم يذكر اسمه والله أعلم
حبيب مولى عروة هو بحاء مهملة مفتوحة والله أعلم
قوله الشيباني عن الوليد بن العيزار فالشيباني هذا هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان واسمه فيروز الشيباني مولاهم الكوفي والله أعلم
أبو يعفور عن الوليد بن العيزار قلت أبو يعفور هذا ينبغي أن يكون أبا يعفور الأصغر وهو عبد الرحمن بن عبيد نسطاس البكائي الثعلبي بالثاء المثلثة وإسكان العين
وأبو يعفور الأكبر يروي عن ابن عمر وأنس وكثير لم يرو عنهم أبو يعفور الأصغر واسمه وقدان ويقال فيه واقد ووقدان اكثر وكأنه لقب
ولهم أبو يعفور آخر ثالث واسمه عبد الكريم بن يعفور الجعفي البصري روى عنه قتيبة ويحيى بن يحيى وغيرهما وآباء يعفور هؤلاء كلهم ثقات والله أعلم
ابن العيزار بعين مهملة مفتوحة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ثم زاي منقوطة ثم ألف ثم راء مهملة والله أعلم
ذكر مسلم أحاديث في الكبائر أعاذنا الله منها ومن سائر معاصيه آمين
كبائر الذنوب عظائمها وتعرف الكبيرة بأمور منها وجوب الحد وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب
وروي عنه لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار
ثم لا إحصاء لعددها روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل أهي سبع فقال هي إلى سبعين وفي رواية إلى سبعمائة أقرب ومن أنكر انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر قائلا إنها بأسرها بالنظر إلى جلال الله تبارك وتعالى كبائر كلها قلنا له نعم هي كذلك ولكن بعضها أعظم من بعض وتنقسم باعتبار ذلك إلى ما تكفره الصلوات الخمس وإلى ما لا تكفره هي ونحو ذلك فسمي بعضها صغائر بالنسبة إلى ما فوقها وبالنظر إلى تيسر محوها وتكفيرها ولا سبيل إلى إنكار ذلك من حيث المعنى ولا من حيث التسمية لتظاهر نصوص القرآن والسنة على ذلك ولشيوع ذلك عن السالفين والخالفين والله أعلم
ثم إن في حديث ابن مسعود أن أعظمها الشرك وهذا مستمر ثابت على إطلاقه وعمومه وفي حديث أنس أن أكبرها قول الزور أو قال شهادة الزور وهذا وإن احتمل أن يجعل شاملا للشرك فإنه قول وشهادة بأعظم الزور فظاهره أن المراد به شهادة الزور على خصم وعند حاكم فيحمل على أن المراد من أكبرها قول الزور على ما مهدنا سبيله في قوله أفضل الأعمال الصلاة
وهذا لأن قتل المؤمن عدوانا أعظم من شهادة الزور والله أعلم
قوله أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، يطعم بفتح الياء أي يأكل وفيه إشارة إلى الوأد وإلى معنى قوله تعالى ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق أي فقر
وقوله أن تزاني حليلة جارك أي امرأة جارك تزاني أفحش وأغلظ من تزني وهو مع امرأة الجار أفحش منه مع امرأة غيره والله أعلم
قوله تعالى يلق أثاما أي جزاء إثمه وقال كثير من المفسرين أثام واد في جهنم من دم وقيح أعاذنا الله الكريم
عقوق الوالدين إيذاؤهما وقطع رحمهما وأصل العق القطع والشق قول شعبة أكبر ظني ضبطناه مصححا عليه بالباء الموحدة والله أعلم
قوله السبع الموبقات بالباء الموحدة المكسورة وبضم الميم أي المهلكات عافانا الله العظيم
أسانيدها عمرو بن شرحبيل وهو أبو ميسرة الهمداني من أفاضل أصحاب ابن مسعود رضي الله عنهم
وشرحبيل هو بضم الشين المثلثة وبعدها راء مهملة مفتوحة ثم حاء مهملة ساكنة ثم باء موحدة مكسورة ثم ياء ولام وهو اسم عجمي غير منصرف
سعيد بن إياس الجريري بضم الجيم منسوب إلى جرير بن عباد بضم العين وتخفيف الباء بطن من بكر بن وائل والله أعلم
صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح | |
---|---|
مقدمة | الفصل الأول | الفصل الثاني | الفصل الثالث | الفصل الرابع | الفصل الخامس | الفصل السادس | الفصل السابع | الفصل الثامن | الفصل التاسع | الفصل العاشر | تنبيهات | أحاديث الإيمان: 1 | 2 | 3 | 4 | أحاديث النهي عن الاستمطار بالأنواء | أحاديث ذكرها مسلم في ذم الكبر أعاذنا الله منه |