ضنت وما أنا لو تشاء ضنين

ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ

​ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ​ المؤلف مصطفى صادق الرافعي


ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ
والبخلُ إلا في الحسانِ يشينُ
أهواكِ مانعةً وكلُّ مليحةٍ
ليستْ ممنعةَ الوصالِ تهونُ
حسبُ المتيمِ منكِ وحيَ فؤادهِ
إنَّ القلوبَ على القلوبِ عيونُ
وألذُ ما كانَ الخيالُ زيارةً
إنْ كانَ يخفى مرّةً ويبينُ
قالوا بخلتِ وما بخلتِ وإنما
وصلُ المليحةِ في الجفاءِ ثمينُ
نسختْ معاني البخلِ يسرى أحمدٍ
وأتْ بشرعِ الجودِ منهُ يمينُ
أحيا الأولى كنّا نرى أسماءَهم
وغدا يرينا الجودَ كيفَ يكونُ
وسمتْ بهِ مصرٌ على بغدادِ مذ
كانتْ وكانْ بقصرها هارونُ
ورأى لديهِ المالَ بحراً زاخراً
فغدتْ أناملهُ وهنَّ سفينُ
والقومُ ذو فقرٍ يقلبُ كفهُ
وأخو غنى بنعيمهِ مفتونُ
هذا يرنحهُ الأنينُ وذاكَ في
سكراتهِ يهفو بهِ التلحينُ
قل للذينَ استأثروا بكنوزهم
ما كانَ بعدَ كنوزهِ قارونُ
أنفوا مساعدةَ الضعيفِ وربَّما
خدموا البهائمَ والجنونُ فنونُ
واستحجرتْ راحاتُهم فكأنها
صخرٌ وإن فلقوهُ ليسَ يلينُ
والمجدُ أقتلُ ما يكونُ هزالهُ
أما رأيتَ الكيسَ وهوَ سمينُ
ضلُّوا وأحمدُ بينَهم يدعوهُمُ
أو بعدَ أحمدَ للمكارمِ زَيْنُ
نيلانِ في مصرٍ فذلكَ قد جرى
ماءً وهذا عسجداً ولُجينُ
والنفسُ إن تعزُ الفضائلَ أفلحتْ
كالماءِ يسقاهُ فيحيا الطينُ
يا أحمداً أقرضتَ ربّكَ والسرا
ةَ يئنُّ تحتَ رباهمُ المسكينُ
والدهرُ أطماعٌ وفيهِ حفرةٌ
سيانَ فيها الألفُ والمليونُ
وبنيتَ من كلِّ الضمائرِ منزلاً
هو منكَ ما بقيَ الورى مسكونُ
كالشمسِ من فوق السماءِ محلها
وشعاعُها تحتَ الثرى مخزونُ
ورفعتَ صوتكَ بالمكارمِ جهرةً
تدعو الأنامَ وللسراةِ طنينُ
والشرقُ إن خربتْ نفوسُ رجالهِ
فلربَّ كنزٌ تحتها مدفونُ
قد كنتُ أبخلُ بالقريضِ وإنني
ليعزُّ عندي اللؤلؤُ المكنونُ
فأريتني ديوانَ مجدكَ شامخاً
فحلا لأشعاري بهِ التدوينُ
شعرٌ أفاضَ عليهِ نوركَ مسحةً
فكأنَّهُ صُوَرٌ بها تلوينُ
ما إن يقاسُ بهِ سواهُ وليسَ في
سلكِ الزبرجدِ ينظمُ الزيتونُ
كثرتْ ظنونُ المادحينَ فقولهمْ
ظنٌّ وهذا المدحُ فيكَ يقينُ