ضيف ثقيل
ضيف ثقيل
أقصّ عليكم ما جرى لي بالأمس
فلي قصص تجلو الهموم عن النفس
إذا فلت قال الدهر أحسنت يا فتى
ولو كان ذا حس لغاب عن الحسّ
فدونكم هذا الحديث فإنّه
ألذّ وأشهى من معاقرة الكأس
جلست إلى طرسي وقد عسعس الدّجى
أسطّر ما توحيه نفسي في طرسي
وليس سوى نور ضئيل بجانبي
يلوح ويخفى كالرّجاء لدى اليأس
وكالنّقع في جوف الدواة أو الدّجى
وكالهندواني بين أنملي الخمس
فصاحة قس أودعت في لسانه
وحكة لقمان، ويحسب في الخرس
ضعيف الخطى،بادي التحول كأنما
يشدّ إلى قيد، يشدّ إلى حبس
أقلّبه فوق الطروس وإنما
أقلّب فوق الطرس سعدي أو نحسي
فنّبهني طرق على باب غرفتي
وصوت ضعيف وهو أقرب للهمس
نهضت ولكن مثلما ينهض الذي
به نشوة، أو من يفيق من المسّ
ولما فتحت الباب أبصرت راهبا
ولو كنت طفلا قلت غول من الإنس
فأزعجني مرآة حتى كأنما
رسول الرّدى قد جاء ينعى لي نفسي
فقلت وقاني اللّه شرّك ما الذي
أتى بك، يا مشؤوم، في ساعة الأنس
أجاب كفيت السوء جئتك طالبا
مديحك لي بين الأعارب والفرس
فقلت وحقّ الشعر مدحك واجب
ومثلي يقضيه على العين والرأس
خبرت بني الدنيا وفتّشت فيهم
فلم تر عيني قطّ أثقل من قسّ