طاول بقدرك من علا مقداره

طَاوِلْ بِقَدْرِكَ مَنْ عَلاَ مِقْدَارُهُ

​طَاوِلْ بِقَدْرِكَ مَنْ عَلاَ مِقْدَارُهُ​ المؤلف ابن حيوس


طَاوِلْ بِقَدْرِكَ مَنْ عَلاَ مِقْدَارُهُ
فأرى العلاَ فلكاً عليكَ مدارهُ
منْ يدفعُ الشرفَ الذي أوتيتهُ
منْ بعدِ أنْ أعيا الورى إنكارهُ
نَطَقَ الوَلِيُّ بِهِ وَأُسْكِتَ حَاسِدٌ
عنْ وصفهِ وَسكوتهُ إقرارهُ
فَلْيَعْلَمِ السَّاعِي لِيُدْرِكَ ذَا المَدى
أَنَّ الطَّرِيقَ كَثِيرَةٌ أَخْطَارُهُ
وَهيَ الرياسةُ لنْ تبوحَ بسرها
إلاَّ لأروعَ لاَيباحُ ذمارهُ
يَحْمِي حِمَاهُ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ
وَتَذُودُ عَنْهُ يَمِينُهُ وَيَسَارُهُ
لاَ العذلُ ناهيهِ وَلاَ الحرصُ الذي
أَمَرَ النُّفُوسَ بِشُحِّهَا أَمَّارُهُ
لكَ في الشجاعةِ وَالسماحةِ رتبةٌ
تَرَكَتْ عَدُوِّكَ لاَ يَقِرُّ قَرَارُهُ
لَمْ يُعْطِها عَمْرُو القَنا إِقْدَامُهُ
قِدْماً وَلاَ كَعْبَ النَّدى إِيْثارُهُ
تفنى العدى قتلاً بكلَّ كريهةٍ
لكَ فخرهُ وَعليهمُ أوزترهُ
فلطالما اضرمنَ في إحرازها
لَهَباً رُؤُوسُ الدَّارِعِينَ شَرَارُهُ
بِوَغىً يَضِلُّ عَنْ المُثَقَّفِ قَصْدُهُ
في ضنكها وَعنِ الكميَّ شعارهُ
لِيَدُمْ لَكَ العِزُّ المُؤَثَّلُ وَلْيَدُمْ
لمريدِ كيدكَ ذلهُ وَصغارهُ
ما فَازَ عِنْدَكَ مَنْ وَتَرْتَ بِبُغْيَةٍ
بلْ ضاعَ في تيارِ عزكَ ثارهُ
فَفَدَاكَ ذُو مُلْكٍ يُصِيخُ لِبَرْبَطٍ
شغلتهُ عنْ أوتارهِ أوتارهُ
وَقضى المسرُّ لكَ العداوةَ نحبهُ
غَيْظَاً عَلَيْكَ وَلاَ أنْقَضَتْ أَوْطَارُهُ
يک بْنَ الأُلى لاَ يُعَظِّمُونَ عَظِيمَهُمْ
حتى يجارَ منَ النوائبِ جارهُ
قومٌ إذا حملوا الوشيبجَ تطاولتْ
أطرافهُ وَتقاصرتْ أعمارهُ
وَنحتْ أسنتهُ الصريخَ كأنها
طيرٌ وَأفئدةُ العدى أوْكارهُ
كثرتْ منى قصادكمْ آلآؤكمْ
كرماً كما كثرَ الحجيجَ جمارهُ
وَأَبْيْتُمُ أَنْ تَنْتَمُوا إِلاَّ كَما
نسبتْ لدى الروعِ الصفيحِ شفارهُ
وَأَعَدْتُمُ عُودَ المَكَارِمِ أَخْضَراً
لِلّهِ عُودٌ أَنْتُمُ أَثْمَارُهُ
شِيَمٌ حَوَتْ مِنْ كُلِّ فَخْرٍ صَفْوَهُ
وَ تعقبتْ منْ بعدها أكدارهُ
فلذا تعمُّ ذوي النباهةِ عونهُ
إِنْ سَامَحَتْ وَتَخُصُّكُمْ أَبْكَارُهُ
إنَّ الإمامَ سطا بسيفِ وقائعٍ
مذْ سلَّ ما عرفَ النبوَّ غرارهُ
شيدتَ حينَ نصرتَ دولتهُ لهُ
عِزّاً بَنَتْهُ لِجَدَّهِ أَنْصَارُهُ
وَنَصَحْتَ مُلْكَ بَني عَلِيٍّ نُصِحَ مَنْ
أربى على إعلانهِ إسرارهُ
أَثْنى بِهِ مَنْصُورُهُ وَعَلِيُّهُ
وَمَعَدُّهُ وَأَبَانَ عَنْهُ نِزَارُهُ
شهدَ المشاهدُ ذا الفعالَ بما رأى
فِيهِ وَصَحَّ لِمُخْبِرٍ إِخْبارُهُ
مهدتَ هذا الشامَ حتى لاستوتْ
في أمنها بلدانهُ وَقفارهُ
لاَ أنتَ متبعُ ما صنعتَ بأهلهِ
مَنَّ المُنِيلِ ولا هُمُ كُفَّارُهُ
نوبٌ تطيشُ سهامها وَمنى يعيـ
ـشُ يقينها وَندىً تجيشُ بحارهُ
ما كانتِ الغبراءُ تحملُ باخلاً
لوْ قضَّ في سكانها معشارهُ
فِي ظِلِّ أَرْوَعَ أَعْجَزَتْ أَفْعَالُهُ
هذَا الأَنَامَ وَأَعْوَزَتْ أَنْظارُهُ
وَمُؤَيَّدِ العَزَماتِ لاَ إِيرَادُهُ
يدنيهِ منْ ذامٍ وَلاَ إصدارهُ
يَغْنِي غَناءَ سَيَوفِهِ إِيْعَادُهُ
وَتنوبُ عنْ نظراتهِ أفكارهُ
مَلِكٌ مٌقِيمٌ فِي دِمَشْقَ وَذِكْرُهُ
في الخافقينِ بعيدةٌ أسفارهُ
لمْ يحتجبْ عنْ ربَّ مسألةٍ وَلاَ
سدلتْ على غيرِ التقى أستارهُ
جَعْدٌ عَنِ الآثامِ إِلاَّ أَنَّهُ
مَتَتابِعٌ مَعَ فَقْدِها أسْتِغْفارُهُ
أخبارُ مجدٍ كادَ يحفظها الدجى
مِمَّا يُكَرِّرُ ذِكْرَها سُمّارُهُ
لوْ عاصرتْ كسرى لكانَ بودهِ
لَوْ صِيغَ مِنْها تاجُهُ وَسِوَارُهُ
فَلْيَيْأَسِ المُتَمَحِّلُونَ مَحَلَّ مَنْ
هذِي مَناقِبُهُ وَذَاكَ نِجَارُهُ
خَيْرُ البُيُوتِ إِذَا عَدَوْنا هاشِماً
بيتٌ حللتَ بهِ وَأنتَ خيارهُ
بَيْتٌ يَحِنُّ إِلى الفَضَائِلِ طِفلُهُ الـ
ـحابي فتحسبُ أنها أظآرهُ
ما زَالَ بِالحَسَنَاتِ مُرْتَقِياً فَهَلْ
فَوْقَ المَجَرَّةِ مَنْزِلٌ يَخْتَارُهُ
وَأَبُو عَلِيٍّ مُعْرِبٌ عَنْ مِثْلِها
في كلَّ فضلٍ تقتفى آثارهُ
ما حَادَ عَنْ شَرَفِ عَلَوْتَ بِهِ الوَرى
فيقولَ مادحهُ إليكَ محارهُ
أَعْطى فَبَخَّلَ كُلَّ جَوْدٍ أَثْجَمَتْ
أَنْوَاؤُهُ وَتَتَابَعَتْ أَمْطارُهُ
وَسَطا فَما جَرَّ اغْتِرارُ وَلِيِّهِ
ضَرَراً وَلاَ نَفَعَ العَدُوَّ حِذَارُهُ
علمٌ يدلُّ عليهِ ساطعُ نورهِ
مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلِيَ الهِدَايَةَ نارُهُ
متألقُ البشرِ المبشرِ بالغنى
وَالدَّوحُ قَبْلَ ثِمَارِهِ نُوَّارُهُ
يُرْضِيكَ إِنْ رَكِبَ الجِيَادَ عُرَامُهُ
عزاً وَإنْ حضرَ النديَّ وقارهُ
تأبى لهُ النشواتِ نفسٌ مرةٌ
حَتّى يَكُونَ مِنَ الثَّنَاءِ عُقارُهُ
فَرَأَيْتَ إِخْوَتَهُ بْمَرْآهُ الَّذِي
أَقْذَتْ عُيُونَ عَدُوِّكُمْ أَنْوَارُهُ
ضَيْفٌ يَشُقُّ عَلَى اللِّئَامِ مَزَارُهُ
أفلتْ أهلتهُ وَلاَ أقمارهُ
وَأسيرُ أنعمكَ الثناءُ قضى
ربُّ الخلائقِ أنْ يفكَّ إسارهُ
لَمْ تُلْفَ فِيهِ وَهْوَ مُلْكُكَ شامِخاً
وَسواكَ يستعلي أوانَ يعارهُ
وَإذا أردتكَ بالمديحِ تفتحتْ
أَغْلاَقُهُ وَتَسَهَّلَتْ أَوْعارُهُ
وَإذا زففتُ إلى نديكَ كاعباً
أَثْنى عَلَيَّ بِحُسْنِها حُضَّارُهُ
وَالمسكُ أولُ منْ يفوزُ بعرفهِ
فِي وَقْتِ فَضِّ خِتامِهِ عَطَّارُهُ
لولاكَ كانَ الشعرُ شيئاً ذاهباً
أَوْ مَذْهَباً مُتَجَنَّباً إِظْهَارُهُ
أَكْرَمْتَ مَثْوَاهُ عَلِيماً أَنَّهُ
ضيفٌ يشُّ على اللئامِ مزارهُ
فَسَلِمْتَ لِلزَّمَنِ الفَقِيرِ إِلَيكَ مَا
كَرَّتْ عَلَى آصَالِهِ أَسْحَارُهُ
وَبَقِيتَ مَا شِئْتَ البَقَاءَ لِمُنْكِرٍ
تَمْتَازُ عَنْهُ وَسُؤْدُدٍ تَمْتَارُهُ