طربت متى كنت غير الطروب؟

طربتُ متى كنت غير الطروب؟

​طربتُ متى كنت غير الطروب؟​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


طربتُ متى كنت غير الطروب؟
فلم أُعْرِ طَرِفَ الصِّبَا من ركوبِ
فَيَوْماً إلى سَبْيِ زقّ رَويٍّ
ويوماً إلى صيد ظبي ربيب
ومهما كبا بي فمن نسوة
يوافِقُها بين كأسٍ وكوبِ
لياليَ بينَ المَهَا غَيْرَةٌ
عليّ تخوض بها في حروب
ولو أنّ قِدْحَ شبابِي أُجِيلَ
على الشمس لأختارَها في نصيب
وتزحمني كل فتّانةٍ
بتفّاحةٍ غَلّفَتْهَا بِطِيبِ
ويطلقني من عقال العناق
صَباحٌ يُنبِّهُ عينَ الرَّقِيبِ
وفي كَبِدِي جُرْحُ لحظٍ عليلٍ
وفي عضدي عضّ ثغرٍ شنيب
وريحانةٌ أمها كرمة
تَنَفّس في كفِّ غصن رطيبِ
معتقةٍ في يدي راهب
على دنَّها ختْمُهُ بالصّلِيبِ
إذا أمْرَضَتْكَ وخفتَ الصّبُوحَ
فمُمْرِضها لك غير الطبيب
تباكرُ من صَرْفها شَرْبَة
فتاةَ الوثوب عجوزَ الدبيبِ
كأنّ الحبابَ لها جُمّةٌ
معممةٌ رأسَها بالمشيب
إذا صبّ ماءٌ على صرفها
رأيت لهُ غوصةً في اللهيب
فتخرج من قعرها لؤلؤاً
يُنَظِّمُ للكأسِ فوقَ التريب
تناولْتُها ونسيمُ الرِّياضِ
ذكيّ النسيم عليلُ الهبوب
وغيدٍ لطائف ألحانها
تنغمها لسرور الكئيب
فكلّ مقمعةٍ بالعقيق
من الدرِّ أغصانَ كفٍّ خصيب
تنبّه مطرقةً في الحجور
تُغْرِي الأكفَّ بشقِّ الجيوب
إذا أسْمَعَتْ حسناتِ الغناءِ
شربنا عليها كؤوس الذنوب
وَسُودِ الذَوائبِ يَسْحَبْنَها
كَسَعْيِ الأساوِدِ فَوْقَ الكثيبِ
توافق بالرقص أقدامهن
يطأن بها نغمات الذنوب
يُشِرْنَ إلى كلّ عَضْوٍ بما
يَحُلّ به في الهوى من كروب
بَسَطْنا لها وهي مثل الغصون
تميس بهبَهّ الصّبار والحبوب
على الأرض منا خدود الوجوه
وبينَ الضُّلوع خدودَ القلوبِ