طرف يراعي النجم وهو مؤرق
طرفٌ يراعي النَّجم وهو مؤرَّقُ
طرفٌ يراعي النَّجم وهو مؤرَّقُ
وجوىً تكاد به الجوانح تُحْرَقُ
ومع الذين أودهم لي في الدجى
عتب برقّ وعبرة تترقرق
إني لأذكرهم على شحط النوى
فتظلّ عيني بالمدامع تشرق
يا سعد قد ألف السهاد متيّمُ
دامي الحشاشة مستهام شيّق
ماذا تقول وكيف ظنّك بالكرى
أيراجع الأجفان وهو مطلَّق
أمْ هل يعود لنا الزمان بما مضى
من لهوه والعود غض مورق
أيام ترفل بالشباب وعيشنا
فيما تسرّ به النفوس منمق
واهاً لعيشك بين أكناف الحمى
وأحبّة بالجزع لم يتفرقوا
في منزل نشأت به زهر الرّيا
وسقاه ريقته السحاب المغدق
والروق تطربنا بسجع لحونها
والبان يرقص تارة ويصفّق
أمّا خمائله وأيّ خمائل
فالسندسُ المخضرُّ والإستبرق
كشف الربيع لنا مخايل وجهه
فيها وطاب صبوحنا والمغبق
فرياضنا زهر النجوم وكأسنا
يسعى بها ساقٍ أغنُّ مقرطق
برزت بنوّار الشقيق فلم يزل
بدر الدجنة عندها يتشقق
فكأنَّ كأس الراح برق لامع
وكأنَّ جنح الليل غيم مطبق
ومهفهف الأعطاف تحسب أنّه
قمر بدرُيّ النجوم ممنطق
يرنو إليك بمقلة سحّارة
تهوى ملاحتها القلوب وتشفق
أرأيت ما فعلت نواظر شادن
لم يلتفت لدم يطل ويهرق
يا أيها الرشأ الذي ألحاظه
ترمي بأسهمها القلوب وترشق
قلبي أسيرٌ في هواك معذب
فأنا المقيّد في هواك المطلق
ولقد أرقْت لك الدموع بأسرها
شوقاً فما لك لا ترقّ وترفق
هلاّ رجعت إلى وصال متيّم
شبّ الغرام وشاب فيه المفرق
فامنن عليَّ بقبلة تسخو بها
كرماً كما يتصدق المتصدق
هيهات فاتت بعد فائتة الصبا
لذاتنا اللاتي لها أتشوق
ذهبت ولم تذهب عليها حسرة
في كل يوم تستجّد وتخلق
وعفت منازل للهوى ومعالم
كان الزمان بها عليه رونق
أعِدِ الحديث عن الديار وقل لنا
بأبيك ما فعل الحمى والأبرق
لا جاز أرضك يا منازل مرعد
من عارض يسقي ثراك ومبرق
واعشوشبت منك البقاع وأينعت
منك الأزاهير التي تتأنّق
أنّى تغيّرت البلاد وأهلها
وأتى عليها الدهر وهو مفرق
وتبدلت تلك الوجوه بغيرها
غربت بدور ما هنالك تشرق
نعم الذين شقيت من أدبي بهم
فيما لقيت فما نعمت ولا شقوا
هذي هي الدنيا كما تريانها
حرم اللبيب بها وفاز الأحمق
فصبرت فيها والخطوب متاحة
لا ضاجر منها ولا أنا مشفق
حتى رأيت النائبات تقول لي
عجباً لصبرك كيف لا يتمرق
ومذ امتدحت أبا الجميل فلا يدي
صفر ولا أنا من نداه مملّق
حملت مناقبه الرواة بأسرها
فمغرّب بثنائه ومشرّق
من مبلغ الشعراء عنّي أنني
في الجدّ شاعره المجيد المفلق
وسواي في الشعراء عن ممدحه
راوٍ بمثل حديثه لا يوثق
غرّدت فيه مطوَّقاً بجميله
إنّ الحمام كما علمت مطوق
أنبأت عنه وكنت أصدق لهجة
ويسرّني أني أقول فأصدق
نبأٌ عن المجد الأثيل ومنبىءٌ
تصغي له أُذُنُ الزمان فيطرق
لو بارز الليل البهيم أعانه
من صبح غرّته عليه فيلق
يسطو على الأرزاء سطوة ضيغم
إحدى براثنه السنان الأزرق
متصرف في البأس حيث وجدته
ما زال يفتق ما يشاء ويرتق
ويروق عند لقائه وعطائه
غيث يصوب وبارق يتألق
فكأنما العافون منه بروضة
أنهارها من كفّه تتدفق
فانظر إلى الأحرار وهي عبيده
بالبر إلاّ أنها لا تُعتَق
خلق الجميل بذاته لوجوده
خلقاً وها هو في سواه تَخَلُّقُ
كرم على عسر الزمان ويسره
لا يستقر المال حتى ينفق
ولقد كفاني الله فيه عصابة
لا أرتجيهم أبرقوا أم أرعدوا
والله يعلم أنَّ قدرك فوقهم
وعلاك في جوّ السماء محلّقُ
يا لابساً بُرْدَ الأبوّة والعلى
أرج الثناء بطيّ بردك يعبق
فلكم يضوع مكارماً ومفاخراً
يحيا بطيب أريجه المستنشق
لم تبصر العينان مثلك لاحقاً
للأولين وسابقاً لا يُلحق
أحييتَ مجداً رمّ بعد فنائه
فالمجد حيٌّ في حياتك يرزق
تفديك مما تشتكيه من الأذى
خلقٌ وددَت لو أنهم لم يخلقوا
وُفّقت للفعل الجميل وصنعه
إنّ الموفّق للجميل موفَّق
فسعى إلى جدواك كلُّ مؤمّلٍ
باب المواهب دونه لا يغلق
تملي عليك الشكر ألسِنةٌ لها
يحلو لها لفظ ويعذب منطق