طلائع شيب سير أسرعها رسل

طَلائِعُ شَيبٍ سَيرُ أَسرَعِها رَسلُ

​طَلائِعُ شَيبٍ سَيرُ أَسرَعِها رَسلُ​ المؤلف صريع الغواني


طَلائِعُ شَيبٍ سَيرُ أَسرَعِها رَسلُ
يُرِدنَ شَبابِيَ أَن يُقالَ لَهُ كَهلُ
نُجومٌ هِيَ اللَيلُ الَّذي زالَ تَحتَها
تَفارَطُ شَتّى ثُمَّ يَجمَعُها أَفلُ
فَإِن تُبقِني الأَيّامُ تَجنُبُني العَصا
وَإِن تُفنِني فَكُلُّ حَيٍّ لَها أَكلُ
وَما ذَمّيَ الأَيّامَ أَن لَستُ حامِداً
لِعَهدِ لَياليها الَّتي سَلَفَت قَبلُ
أَجارَتَنا ما في فِراقِكِ راحَةٌ
وَلَكِن مَضى قَولٌ فَأَنتِ بِهِ بَسلُ
فَبيني فَقَد فارَقتِ غَيرَ ذَميمَةٍ
قَضاءٌ دَعانا لِلقَطيعَةِ لا الخَتلُ
أَما وَاِغتِيالُ الدَهرِ خَلَّةَ بَينَنا
لَقَد غالَ إِلفاً ساكِناً بِهِمُ الشَملُ
فَما بي إِلى مُستَطرَفِ العَيشِ وَحشَةٌ
وَإِن كُنتُ لا مالٌ لَدَيَّ وَلا أَهلُ
بِنا لا بِكِ الأَمرُ الَّذي تَكرَهينَهُ
أَتى الحِلمُ بِالعُتبى وَقَد سَبَقَ الجَهلُ
فَلا شَوقَ إِنَّ اليَأسَ أَعقَبَ سَلوَةً
سَواءٌ نَوى مَن لا يُراجَعُ وَالثُكلُ
عَلَيكِ سَلامٌ لا تَحِيَّةَ ذي قِلىً
حَلا بَعدَكِ العَيشُ الَّذي كانَ لا يَحلو
أَلا رُبَّ يَومٍ صادِقِ العَيشِ نِلتُهُ
بِها وَنَدامايَ العَفافَةُ وَالبَذلُ
عَشِيَّةَ آواها الحِجابُ كَأَنَّها
خَذولٌ مِنَ الغِزلانِ خالِيَةٌ عُطلُ
لَعَمرُ اِبنِها لَولا اِحتِراقُ الحَشا لَهُ
لَماتَ الجَوى أَو لَاِستُفيدَ بِها مِثلُ
سَلَوتُ وَإِن قالَ العَواذِلُ لا يَسلو
وَأَقسَمتُ لا يَرقى إِلى سَمعِيَ العَذلُ
وَبايَنتُ حَتّى صِرتُ لِلبينِ راكِباً
قَرى العَزمِ فَرداً مِثلَ ما اِنفَرَدَ النَصلُ
سَعَت أَلسُنُ الواشينَ فيما يَعيبُني
وَهَل كُنتُ إِلّا ماجِداً عابَهُ وَغلُ
وَكَم عائِبٍ لي وَدَّ أَنّي وَلَدتُهُ
وَلَو كَرُمَت أَعرافُهُ وَزَكا الأَصلُ
وَأَنّي قَصِيُّ الرِحمِ مَجدي لِغَيرِهِ
فَعابَ وَما آلى وَمِن دونِهِ سَدلُ
جَزَأتَ عَنِ الفَضلِ الحَميدِ وَقَلَّصَت
لِنابَيكَ في المَرعى مَشافِرُكَ الهُدلُ
فَأُقسِمُ لَولا حاجِزُ الوُدِّ بَينَنا
وَكانَ مَعَ العُتبى المَوَدَّةُ وَالوَصلُ
وَأَنمُلَةٌ قَدَّمتَها لَكَ لا يَدٌ
لَساءَكَ مِنّي ما سُرِرتَ بِهِ قَبلُ
هَبَلتُكَ حَيّاً لَم تُصِبكَ مَنِيَّةٌ
خَلا أَنَّ وُدّاً ماتَ لَيسَ لَهُ عَقلُ
فَمَهلاً أَما لي مَذهَبٌ عَنكَ واسِعٌ
مُوَطَّأَةٌ في كُلِّ وَجهٍ لَهُ السُبلُ
أَلا رُبَّما اِقتَدتُ الرَجاءَ إِلى المُنى
بِوَعدِكَ حَتّى يَستَبِدَّ بِهِ المَطلُ
وَأَبتَعِثُ الآمالَ ثُمَّ أَرُدُّها
إِلَيكَ لِيَومٍ ما وَمَضرِبُها مَحلُ
فَلا سَلِمَ حَتّى تَستَقيدُ إِلى الرِضى
وَيَحتَرِشُ الغِلَّ المَوَدَّةُ وَالبَذلُ
لَعَمري لَقَد أَعطَيتَ لِلجودِ أُهبَةً
ثَراءً وَهَل يَجري إِذا أُضمِرَ البَغلُ
وَقَفتُ لِساني عَنكَ وَالقَولُ مُفصِحٌ
وَما بِالقَوافي عَنكَ لَو أُهمِلَت مَهلُ
عَليكَ سَلامٌ لَم أَقُل فيكَ ريبَةً
وَلَكِن ثَناءً كانَ أَفسَدَهُ البُخلُ